الحاجة الى الإستثمار قضية لا جدال فيها، ليس لعدم وفرة الأموال للنهوض بالمشاريع في عراق ما بعد التغيير فحسب، بل لأن الإستثمار، سيما الأجنبي ليس مالاً فقط، إنما خبرات ودعايات وتبادل تجاري وثقافة عمل تأتي معه..
فماذا انجزنا في قطاع الإستثمار ؟!
يبدو السؤال مستفزاً قليلاً، وربما ستنبري هيئة الإستثمار في العراق للدفاع عن نفسها، متصورة أن هذا المقال، يقصد منه النيل منها ومن "منجزها"..
ولا شك أن الإستثمار يحتاج الى إشتراطات عدة، حتى ينطلق كوسيلة من وسائل البناء الأستثنائية، وإلا فإن الأصل؛ هو أن نبني نحن، مستفيدين من قدراتنا وإمكاناتنا الذاتية، أول تلك الإشتراطات وجود إستراتيجية تنموية اقتصادية، تنطلق من متطلبات وحاجات البلد، وتنسجم مع ما يحدث حولنا، من حركة بناء ونشاط إقتصادي كبير، ويحصل هذا في بلدان كانت إلى زمن قريب، متخلفة في كل شيءـ إلا أنها سرعان ما تفوقت بالقدرات الإدارية، التي يتعيّن أن نعترف باننا نفتقر إليها، فيما لدينا وفرّة من الأموال التي يديرها أشخاص يفتقرون الى الكفاءة..
خلال الأربعين سنة الفائتة، انتقلت مدن الخليج من مرافئ للصيادين، الى مصاف عواصم الدول المتحضرة، ليس فقط لأنها أمتلكت الأموال نتيجة للفورة النفطية، ولا لأن الأمن فيها مستتب فقط، بل لأنها أجادت إدارة مواردها، وعملت على توفير البيئة المناسبة للاستثمار، و وضعت الأشخاص المناسبين في الأماكن المناسبة.
لقد تشكلت لدينا هيئة للإستثمار بدرجة وزارة، ولدينا في جميع المحافظات دوائر للإستثمار بدرجة مديريات عامة، وفي الهيئة أجهزة متخصصة يرأسها مديرون عامون، وخلال السنوات المنصرمة، ومنذ تشريع قانون الاستثمار المرقم 13 الذي صدر عام 2006، عقدت الهيئة وبالتعاون مع جهات رسمية وخارجية عديدة، عشرات المؤتمرات ومئات النشاطات، معظمها خارج العراق بغية جذب المستثمرين، مع ما يترتب على ذلك من كلف مالية ولوجستية، وقطع كبار المسؤولين في الهيئة، مئات الآلاف من الكيلومترات سفرا بالإتجاهات الأربعة من العالم، وزاروا وتباحثوا في مختلف العواصم حتى قصيها، فماذا تحقق لحد الآن ؟ وهل يوازي ما تحقق ما تم إنفاقه على هذا الحراك الماجلاني؟.
لا أشكك بالنيات، ولسنا نبغي مهاجمة الهيئة، ولكننا نتساءل، ومن حقنا السؤال، هل تحققت الجدوى من وجود هذا الجهاز الإداري الضخم، وهل أنجز إستثماراً في قطاعات إنتاجية كبرى، غير تحويل المعامل القائمة الى المستثمرين ؟ وغير بناء المولات التسويقية ؟ وكأن ما كان ينقصنا هو فقط المولات المغلفة ببهرج الألكابوند، مع أنها مزرف رفيع تتسرب منه موجوداتنا النقدية، ويشيع النزعة الإستهلاكية في مجتمعنا !.
سلام...
https://telegram.me/buratha