عمار العامري
بعدما أنتقل الإمام محسن الحكيم الى الرفيق الأعلى، أثنيت الوساده للإمام الخوئي بأجماع علماء الشيعة، وذاع صيته وعلت كلمته، وتمكن من المحافظة على مكانة الحوزة العلمية في النجف، رغم الظروف التي مرت بها، سيما محاولات النظام السابق الساعية لتدميرها وقتل وتهجير أساتذتها وطلبتها.
السيد محمد باقر الصدر كان المرجع الثائر والمفكر الكبير، الذي تصدى بكل قوة وعزيمة لإجراءات السلطة الحاكمة، وكانت ترجع اليه الجموع الراغبة بتغيير نظام الحكم أنذاك، حيث أن السلطة عملت على مضايقة كل فئات وشرائح المجتمع العراقي، ولم يسلم منها أحد، وكانت توجيهات السيد الصدر تكاملية مع أطروحات الإمام الخوئي، وأراءهم تصب في مصب واحد.
اليوم نجد أن التاريخ يعيد نفسه، حيث تصدي الإمام السيستاني لزعامة المرجعية الدينية في النجف، وتحمل أعباءها بكل ثقه - رغم المحاولات التي لم تكن واردة في النهج الحوزوي، والتي تدفع بالمرجعيات العربية بالضد من المرجعيات الأخرى - على نفس المنهج الذي تعامل به أعلام النظام السابق، ووقوف السيد السيستاني بوجه هذه التدخلات التي تحاول تشتيت قوة المرجعية الدينية، لذا نجده يتعامل بحذر شديد مع المتغيرات التي تحدث في الأمور السياسية الداخلية والخارجية، وأعطاءه الآراء والتوجيهات المناسبة التي تحفظ كيان الحوزة العلمية، وتنأى بها عن التصادم مع الجهات التي لا تلتزم بإرشاداتها.
في الوقت ذاته نجد أن المرجع الكبير الشيخ بشير النجفي، وهو أحد المراجع الأربعة في النجف (السيد السيستاني، السيد الحكيم، الشيخ الفياض، الشيخ النجفي) يتخذ نفس المنهج الذي سار عليه السيد محمد باقر الصدر، فهناك رغبة عارمة لدى الجمهور العراقي بالتغيير، ترافقها دعوات مباركة من قبل المرجعية الدينية لتغيير الوجوه الموجودة في السلطات الحالية، والتي لم تجلب الخير للعراق، وأنما كانت ومازالت تعمل لأنفسها وجماعتها، وقد فشلت في الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية الماسكه لها.
لذا فإن المرجع النجفي أنبرى متصديا لذلك، ومعبراً عن وجهة نظر المرجعية الدينية، التي تسعى بتوجيه الشعب العراقي نحو تحقيق التغيير، كون المرجعية العليا باتت مؤمنة بأن الأوضاع في العراق لا يمكن أن تتحسن، والأمور لا يمكن أن تعالج، الا بتغيير النهج التفردي والسياسة الإقصائية التي تنتهجها الوجوه الحاكمة.
وعليه فأن المرجعية الدينية وهي صاحبة القرار الفصل والرأي الجازم، تتبنى سياسة عدم التصادم مع السلطة الحاكمة، ولكنها في الوقت ذاته تؤدي دورها في توعية وتثقيف الشعب العراقي، كون أن مصير العراق كبلد، ومستقبل العراق كشعب؛ هو مسؤولية المرجعية الدينية.
المرجعية الدينية ترى بواعث الخطر على الجميع تلوح في الأفق، وأن من يتغاضى عن توجيهاتها، ويفسر بياناتها على أهواءه وأذواقه الخاصة؛ هو من يتحمل المسؤولية الشرعية، وما البيانات المتتالية للمرجعية الدينية واللقاءات اليومية مع الجماهير، الأ لألقاء الحجة على الجميع، وهي بمثابة رسالة شرعية لابد أن يؤخذ بها.
https://telegram.me/buratha