ضياء المحسن
نصت المادة ثانيا/ ج من الباب الأول/ المبادئ الأساسية، من الدستور العراقي الذي صَّوت عليه العراقيون، بدمائهم وأرواحهم عام 2005 على ((لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور)) وهذه الفقرة واضحة بما يدع مجالا للشك، بأن حرية الفرد لا يمكن الحجر عليها؛ بمجرد قانون يصدره مجلس الوزراء، ذلك لأن الأخير هو سلطة تنفيذية للتشريعات التي تصدر من أعلى سلطة تشريعية في البلد، وهو هنا مجلس النواب.
بعد أن شعر العراقيون، بأنهم غادرو الديكتاتورية الى غير رجعة، ها هم من يصورون للناس أنهم هم من حارب الدكتاتور، يحاولون إعادتنا للمربع الأول، وبالتالي يجبرون المجاهدين الذي إستراحوا من مقاتلة الطاغية، على حمل السلاح مرة ثانية لمحاربة دكتاتور أخر.
لو حاولنا قليلا قراءة القانون المقترح، لوجدنا فيه كثير من الثغرات القانونية والتعدي على صلاحيات السلطة القضائية، فالمادة ثامنا من القانون المقترح، تؤكد على أن لرئيس الوزراء الحق بالإفراج عن المتهم، حتى قبل أن يبت قاضي التحقيق بأوراقه، في الوقت الذي يؤكد الدستور العراقي على إستقلالية السلطة القضائية.
ثماني سنوات طيلة فترة حكم السيد المالكي، ماذا جنى العراق فيهن؟ سؤال علامة إستفهامه أكبر من برج بغداد، والسبب في ذلك، يعلمه دولته قبل غيره، فأزمات البلد تكاد لا تنتهي، من أزمة المركز مع الإقليم؛ وهنا سيقول بعض المالكيين الجدد، بأن الإقليم هو السبب في هذه الأزمات، ولو سلمنا بهذا؛ أليس المركز بمثابة الأب، ويجب عليه أن يحافظ على الرباط القوي للعائلة ولا يجعله يتفكك، مرورا بأزمات كثيرة لا تعد ولا تحصى، اخرها أزمة الأنبار، التي كانت كالجمرة الصغيرة، لكن دولته أيضا بلا مبالاته تركها تكبر الى حد أصبحت فيه كالنار المستعرة، وفي الوقت الذي طرحت على السيد رئيس الوزراء حلول عديدة، تجاهلها خشية من أن يحسب حل أزمة الأنبار لتلك الجهة، ولا شك بأن دولته يعلم بأن المقصود بهذه الجهة، هو رئيس المجلس الإسلامي العراقي، السيد عمار الحكيم، والذي كان له دور قبلها في جمع القادة السياسيين ومنهم السيد رئيس الوزراء والسيد النجيفي اللذين كانت العلاقة بينهما متوترة الى أبعد حد.
إن هذا القانون، ولد ميتا، ذلك لأن فيه من الخروقات الدستورية، ما يجعل بالسلطة التشريعية ترفض إقراره والمصادقة عليه، لأنها تعلم بأن السلطة التنفيذية ستحاول الإلتفاف على الدستور ومجلس النواب وتعطيل عملهما والعودة بالعراق الى الدكتاتورية من جديد.
إن على المواطنن تقع مسؤولية كبيرة في قابل الأيام، خاصة في الثلاثين من نيسان، وهو موعد الإقتراع على أعضاء مجس النواب القادم، وذلك من خلال منح أصواتهم الى مرشحين لم تتلوث أسماءهم أو كتلهم بالفساد ومحاولة العودة بالعراق الى الأيام التي ولت الى غير رجعة، على الناخب أن يمنح صوته الى مرشحين، مقتنعين الى ابعد الحدود بأن ازمتنا ليس بين السنة والشيعة، أو بين العرب والكورد، بل هي أزمة بين أن نواصل طريقنا الذي رسمناه بدماء الشهداء من أبناء هذا البلد، أو العودة الى الدكتاتورية من جديد.
https://telegram.me/buratha