علي محسن الجواري
التنافس بين بني ادم، ليس بالأمر الجديد، ورغم اختلاف الأسباب، والمبررات، وأدوات حسم التنافس، الذي قد يتطور ويتحول إلى صراع، إلا أن الهدف المنشود واضح، الهيمنة واثبات صحة الرأي، كلنا سمع أو قراء قصة هابيل وقابيل، وعلى نفس النهج سار باقي النسل، ظالم ومظلوم، قاتل ومقتول، وكل يدعي الحق لنفسه، وما بين أرجل الجبابرة، ثمة من يسحق، ليعتبر بعد ذلك شهيد الصراعات.
أما التنافس في أيامنا هذه فهو بالشكل أجمل، وبالمضمون أقسى، يكون الموت في كثير من الأحيان غاية السعادة، وألذ الخسائر، مقابل تثبيت مبدأ، وإحقاق حق، والحياة منتهى البؤس، وأمر الانتصارات، بضياع المبادئ ، وغلبة الباطل.
وبعد انتهاء المنافسة الانتخابية بين الأخوة، في ملحمة الانتخابات، وانتظار النتائج النهائية، بعد أن عرف عنوان الكتاب، وقرأت مقدمته، هرع كل فريق وكل طرف من المنتصرين، إلى إجراء مباحثات أولية، معلنة وسرية، لوضع التفاهمات لتشكيل الحكومة القادمة، وكل ذهب بطبيعة الحال، إلى من يقترب منه في نقاط معينة، قد لا تشكل فارقاً أساسياً ويمكن التفاوض عليها، وان وجدت نقاط خلاف جوهرية فان بعض الكتل السياسية، قد لا يعتني بها، فوفرة كراسي السلطة، ونعومة الحقائب الوزارية، كفيلة بحل كل الخلافات، التجمع عند نقطة واحدة، المصلحة الحزبية والشخصية.
التحالف الوطني هو الأوفر حظاً، في تولي دفة الحكم، بغض النظر عن الاسم القادم لرئيس الحكومة، فكثير من الكتل القوية التي تمتلك حضورا شعبياً وتأييدا جماهيريا، سعت منذ نهاية العملية الانتخابية، إلى إجراء الحوارات والمباحثات، وعقد الاجتماعات بوفود على مستوى رفيع داخل التحالف، والقيام بزيارات مشتركة ومتبادلة بين الأقطاب الرئيسية للتحالف، وما يهم في الأمر، أن التحالف الوطني يجب أن يكون قوياً، إذا ما أراد النجاح في قيادة البلد، وهذه القوة تأتي من خلال التنسيق المشترك بين مكوناته، وإعادة بناء وترميم بعض التصدعات، ليكون هناك فريق عمل متجانس، يمتلك رؤيا واضحة، ورغم ما أشيع قبل الانتخابات من ذهاب مكونات من التحالف ككتلة المواطن لترتيب اتفاق مع متحدون، الأمر الذي فسر على انه محاولة لذر الرماد في العيون، والالتفاف على الشريك، في محاولة تسقيط سياسي رخيصة، من قبل المنافسين، رغم عدم وجود أساس لهذا الموضوع، بل على العكس، فالمتابع يلاحظ تحركات ملحوظة لعناصر في دولة القانون، باتجاه بعض الكتل الصغيرة، لتشكيل تفاهمات ربما، وبعيدا عن التحالف الوطني، لإرضاء جماهير بعض المكونات وإسكاتها، رغم أن هذه الكتل الصغيرة تمتلك مشاكل داخلية مع جماهيرها، وقد لا تمثلها بالضرورة في كثير من المناطق.
بعض التصريحات والأحاديث التي تطلقها القوى السياسية، تتراوح بين حلين أو شكلين للحكومة القادمة، أولهما حكومة أغلبية سياسية، ستشكلها الكتل القوية فيما يتفرج ممثلو باقي الكتل على الوليمة من بعيد، والثانية حكومة شراكة وطنية، يجلس فيها الأخ الأصغر في حجر أخيه الأكبر ليلقمه بعض اللقيمات.
أن الحل الناجح والأفضل للبلد، هو شراكة مبنية على أساس الثقة المتبادلة، بعيدا عن لغة المنتصر والخاسر، وكل حسب استحقاقه، يكون عنوانها الأول في الاختيار، الكفاءة وحسن الإدارة، شراكة المتحدين المنتصرين بخدمة وطنهم وشعبهم..سلامي
https://telegram.me/buratha