نزار حيدر
عندما نزت عصابة البعثيين على السلطة في (17 تموز 1968) في خلسة من الليل والناس نيام، بسرقة مسلحة (انقلاب عسكري) خططوا لهدم الحوزات العلمية في المدن المقدسة، النجف الأشرف وكربلاء المقدسة والكاظمية المقدسة.وكانت من بين خططهم، إبعاد الطلبة وتسفيرهم بحجج واعذار مختلفة، لتجفيف منابع الحوزات الدينية، بينها وضعهم القانوني.
الرسالة التالية، بعثها المرحوم (.......) الى رئيس الجمهورية وقتها (احمد حسن البكر) يشرح فيها موقف المرجعية العليا وقتها، والمتمثلة بالمرحوم السيد ابو القاسم الخوئي، من حالات التسفير التي طالت طلبة العلوم الدينية.
ادناه، نص الرسالة، التي اتحفّظ على نشر اسم صاحبها، بناء على طلب المصدر الذي زوّدني بها، علما بأنني احتفظ بنسخة من النص الأصلي للرسالة مكتوبة بخط يد صاحبها، وهي تعود الى اكثر من أربعين عاما خلت، ارتأيت ان انشرها ليطلع الشعب العراقي الكريم على تاريخ قد تخونه ذاكرته فينساه. ادناه، نص الرسالة:
سيدي الرئيس المحترم
سلامة لك وسلاماً عليك...وهذه سطور ياسيدي كنت اعتقد ان يحكي لك عن مضمونها غيري من محبيك ومخلصيك. لكن احداً لم ينقل لك صورة عنها كما يبدو.
الذي يجري الآن ياسيدي في النجف هو الاتجاه الى تسفير رجال الدين منها. من غير العرب وهم كما اعلم من الإيرانيين والهنود والأفغانيين والأتراك. وقد رُجيت بأمل ان انقل الصورة لسيادتك حول الموضوع ولكني لم افعل حتى كانت نهايتها امس. اذ ارسل لي السيد الخوئي ابنه الأكبر وكان هو الآخر يرجوني باسم والده ان اطلع مقامك فقط على الموضوع لأنه كان يروي لي ان قناعة والده الخوئي لا يُدانيها شك "في ان السيد الرئيس لا يعلم شيئاً عما يجري في النجف بهذا الخصوص" والمح لي بأن بقاء السيد الخوئي في العراق منوط ببقاء طلاب العلم هؤلاء وانه قد يفكر بالهجرة الى بلد آخر، ثم اعاد لي اكثر من عشر مرات "ان العلماء وفي مقدمتهم الخوئي يريدون ان يطلع السيد الرئيس على هذه المشكلة وبعدها له وحده الكلمة الأخيرة بشأنها"...هذا مُجمل ماحدثني به الخوئي.
وحتى لا يُنسب لي التقصير في السكوت عما قد يقتضي عنه، آثرت ان اكتب حوله لك وكيفما تكون مشاكلك ومشاغلك من حيث الكم او الكيف، فاني ارى ان لا يُصار الى حسم هذا الموضوع او تصريف له بمعزل عن حكمتك وصواب رأيك وأُفضّل ان يكون الموقف، سلباً او ايجاباً منه، بعلم من سيادتك ودرايته، وارى راجحاً ان نذهب انا والأخ السيد منذر الى السيد الخوئي بأسم سيادتك ونطمئنه حول الأمر بشكل او بآخر اذا وجد سيادتك ذلك راجحاً ايضاً.
وفي اعتقادي ان من الصائب ايضاً ان تأمر بتشكيل لجنة توافيك بما يتراءى لها عما يجب اتخاذه والسير عليه في هذا الشأن.
وختاماً، رعاك الله وأبقانا مُتفيئين بظلك وأنجاك من طوارق الأيام.
المخلص...
https://telegram.me/buratha