المقالات

أزمتنا: صِدامٌ بين الديمقراطية والمصالح!

1812 2014-06-10

قاسم العجرش

  تفقد الديمقراطية معناها، عندما يفقد المتعاملين بآلياتهتا بوصلتهم، فيتخذون قراراتهم، ويحددون مساراتهم، لا على أساس رؤى وتفكير، بل عندما يتصرفون على أساس غرائزهم.

  الغرائز في أغلب الأحيان مكتسبة من المحيط، أو تتولد نتيجة الخضوع لإشتراطات القطيع، يتصرفون على أساسها، كوسيلة من وسائل بناء نظام سياسي، ليس على أساس بناء دولة، بل على أساس المكونات!

  المكونات، سيما الأقل عددا منها؛ ليست كالقطعان التائهة، وإنما هناك مجال محدد تتحرك فيه، وهذا المجال يحدده لهم الغير، أي بمعنى آخر؛ أن ثمة موجه خارجي، يجعل  العناصر الخارجية تطغى على الداخلية، و بذلك يفقد المكون والمواطن إرادته وحريته.

  يفقد المواطنين سويتهم الإنسانية، وبالتالي وطنيتهم؛ عندما تستولي عليهم مشاعر المرارة، والحاجة إلى التعويض عما هو مفقود، فيرتمون في أحضان القبلية والإقليمية والطائفية، مما يؤدي إلى فقدانهم فرديتهم وقابليتهم للتفكير المستقل، ويصبح الإنتماء الوطني نوع من الوهم.

  لهذا لا غرابة أن تسيطر الأوهام وتستولي على السياسة، فحينما يصبح الهم الأكبر للساسة، خدمة العناصر الخارجية، وتنفيذ مشاريعها وأجنداتها، بتزاوج مع نزعة جمع المال والثروة، يحدث إقتران قوي ما بين السلطة والجاه والثروة، وتوظف لتلبية النزعات الشريرة.

  في حالتنا؛ لا بد من الإعتراف أن لدينا أزمة دولة، وأزمة علاقة بين الدولة والمجتمع، وبين السلطة والمجتمع، وأزمة بين مكونات المجتمع الإثنية والإقليمية، تطغى عليها الحلول التي تفتقد الى العقلانية، بل وتنزع نحو الشر كخيار أوحد، مثلما يحصل اليوم من نشاط إرهابي واسع النطاق.

  الحقيقة الأمر من المرارة نفسها، أن العمل السياسي في العراق، أنتج فسادا مركبا من الفساد المالي والسياسي والإداري، وكانت الدولة الأب الذي أنطفه.

   إذ وحيث يعتبر الفساد لصيقاً بالسلطة، وحيث يسهل المناخ العام تفشيه وتحوله إلى ظاهرة عامة، وإذ لا يعود أحد يخجل من ممارسته علناً، ولتحمي السلطة نفسها، تلجأُ لإفساد كبار رجال الدولة، وقادة الرأي العام من قادة الأحزاب والمؤسسات المدنية، والإعلامية ورجال الدين الخ،  بالمال والإمتيازات، ويصبح هدف السلطة والنخب التابعة، ليس مصلحة الوطن، بل الحفاظ على ما بيدهم من سلطة، لأن السلطة تضمن الحفاظ على إستمرارية مصالحهم.

كلام قبل السلام: تصادمات المصالح، ستجعلنا نلعن الديمقراطية وأبيها وأبي من جلبها لنا!

سلام... 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك