قاسم العجرش
تعالوا الى مساحة نبني عليها أفكارا تستند الى معطيات واقعية، فالمرء لا يحتاج الى خيال واسع، كي يفهم ما جرى وما سيجري..
دعونا هنا لنتناول بعض تلك المعطيات الوافرة..أقول بعض وليس كل، لأن مجرد التفكير بكل المعطيات، يحتاج الى عشرات بل مئات الرؤوس، القادرة على التعامل مع كم ضخم منها..
أولها أن ما حصل؛ لم يحصل في خلال هذا الشهر، حيث وقعت الموصل ومدن أخرى بيد "داعش"، بل أن الذي جرى كان منتظرا حدوثه، مع إطلاق تسمية "دولة العراق والشام الإسلامية" على هذا التنظيم ألظلامي..وكان الأسم يوضح الهدف بجلاء، ويكشف بسهولة عن المخطط، ولكن قومنا كانوا ينامون على ريش، جعلهم يطمأنون إطمئنانا غريبا!
داعش بالحقيقة تشكلت عام 1963، حيث سعى حزب البعث الذي نزى على كرسي الحكم في 8 شباط من ذلك العام، الى إقامة وحدة بين العراق وسوريا، التي تسلم الحكم فيها نفس الحزب، بعد شهر بالضبط، من المذبحة التي أرتكبها البعثيون في العراق في التاريخ الذي ذكرناه، وكانت علامة سوداء في جبين تاريخ العراق، ومن يومها رفع البعثيون علمهم ذا النجمات الثلاث، التي ترمز الى أهدافه المعلنة: الوحدة والحرية الإشتراكية، والى أهدافه السرية المعبرة عن مثلث الماسونية المعروف..
داعش إذن تنظيم بعثي وليس غير ذلك، أما حكاية تأسلمه، فهي أيضا حكاية قديمة، تعود الى تسعينات القرن الماضي، أيام إطلاق الطاغية صدام حسين حملته الإيمانية الشهيرة، تلك الحملة التي أجبر بها تنظيمات حزبه على إعتناق نمط جديد من الفكر الديني، الذي يقول بثالوث(الله..الوطن..القائد)..وكان الرفاق يحتسون الخمر ويصلون أيضا، تماما على طريقة الوليد بن عبد الملك!.
كان واضحا أن حملة صدام الإيمانية، ليست إلا محاولة لإيقاف تعاظم آثار الصحوة الإسلامية في المجتمع العراقي، تلك الصحوة التي أطلقها الإمام الراحل السيد الخميني (رض)..
معنى هذا أن صدام وحزبه؛ بنوا من خلال هذه الحملة معمارا طائفيا، ووجد هذا المعمار أرضيته في محافظات بعينها، حيث كانت دراويش عزة الدوري، يؤسسون تكايا في قرى وقصبات وسط العراق، إمتدادا الى تخوم دهوك..وتلك هي حاضنة داعش اليوم!
كلام قبل السلام: البيئة المثالية لنمو التطرف، هي الطائفية والديكتاتورية، ويعززها غياب حكم رشيد يصنع الديمقراطية، ويقينا أننا في العراق وسوريا، مازلنا بعيدين عن ذلك بمسافة كبيرة!
سلام...
https://telegram.me/buratha