نزار حيدر
في حديث على الهواء مباشرة قبل قليل مع قناة (سكاي نيوز) الفضائية في ستوديوهاتها من واشنطن، قلت معلقا على خطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي أدلى به اليوم عن الوضع في العراق والتطورات التي يشهدها البلد:
أوافقه في أمر وأُخالفه وبشده في آخر، أوافقه في ان الوضع الحالي يحتاج الى حلول سياسية، الامر الذي يحتاج، برايي، الى ان يتم عقد جلسة مجلس النواب الجديد في المدة الدستورية المحددة، ليلتقي كل الفرقاء تحت قبة البرلمان، ويبدأون بالحوار الوطني المعمّق لتشكيل مؤسسات الدولة، الرئاسات الثلاث، من اجل انتاج حكومة وطنية قوية ومنسجمة تعتمد الكفاءة والخبرة والنزاهة وبعقلية جديدة تختلف كليا عن العقلة السابقة التي ظلت على مدى () سنوات تتبنى سياسات الإقصاء والتهميش وتمركز الإمكانيات والقوى بيد ثلة اثبتت انها فاشلة بكل المعايير، الى جانب تبنيها سياسة صناعة الأزمات التي تشنّج الأجواء السياسية والتجييش الطائفي من اجل مكاسب حزبية وفئوية ضيقة أضرّت بالعراق واوصلته اليوم الى حافية الهاوية.
ان مثل هذا الحوار الوطني يجب ان يستند الى الدستور والى نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة، من دون التوقف عند الأشخاص والاسماء والمسميات، فالعراق اكبر من الجميع، وان الخطر محدق بالجميع من دون استثناء، ولابد من تنازلات مؤلمة من قبل كل الأطراف، لنتجاوز المرحلة بأقل الخسائر.
ليس أمامنا الكثير من الوقت لتضييعه بالعناد والإصرار والتكالب على السلطة، والتشبّث بها على قاعدة (ان اكون او فليأت الطوفان من بعدي) فالعراقيون سوف لن يغفروا لكل من سيكون السبب المباشر للفشل اذا ما أصاب العراق الجديد، لا سمح الله، والتاريخ كذلك سوف لن يغفر للمعاند تقديمه أهواءه ونزواته على المصلحة العليا للبلد، خاصة في هذا الظرف العصيب.
اما الامر الذي لا أوافقه فيه بالمطلق وبشدة، فهو وصفه لما يجري الان في العراق بالحرب الطائفية.
لا يا سيادة الرئيس، هي ليست كذلك، إنما هي حرب الإرهاب على العراق، والتي تقودها الجماعات الظلامية التكفيرية التي لا تؤمن الا بالعنف والقتل والتدمير كوسائل لفرض أجنداتها المشبوهة، والكفر بكل ما يتعلق بالديمقراطية كمفاهيم وأدوات.
ان كل العراقيين، ومن دون استثناء، عانوا من الإرهاب، ومن الجماعات الإرهابية التي تحالفت مع ايتام النظام البائد والطاغية الذليل صدام حسين، وان ما يفعله اليوم الإرهابيون في الموصل وغيرها، من قتل واعتداء على الحرمات وتدمير وذبح، وكذلك اعتداءاتهم على دور العبادة، كما فعلوا في احدى كنائس الموصل الحدباء وهم يرددون شعارات تافهة ومتخلفة لا تمت للدين بصلة ولا حتى لثقافة العراقيين، لهي دليل على انها حرب تستهدف العراق ونظامه الديمقراطي الجديد.
ان عليك، أيها السيد الرئيس، ان لا تتحدث بما يمنح الارهابيين اعتبارا في حربهم الضروس ضد الشعب العراقي، وان من الخطأ الفادح ان تكون طرفا في الحرب على العراقيين من حيث تريد او لا تريد.
لقد قرر العراقيون، من دون استثناء، التصدي للإرهاب مهما كان الثمن، والّا، هل يُعقل ان يقبل اهل الموصل بان يكون الارهابيين لسان حالهم، خاصة بعد ان طلبوا منهم تقديم بناتهم كإماء لقادة الإرهاب؟ هل يُعقل ان يقبل اهل الرمادي ان يكون الإرهابيون لسان حالهم بعد كل هذا القتل والتدمير والذبح الذي تعرضوا له على يد الجماعات التكفيرية؟.
اتمنى عليك، سيادة الرئيس، ان تكون اكثر دقة عندما تصف ما يجري حاليا في العراق، وان لا تكون شريكا لإعلام نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية وقطر تحديدا، والذي يحاول تأجيج الصراع الطائفي من خلال دعمه للإرهابيين بالمال والسلاح والفتوى الطائفية، والتوصيفات المغرضة لما يجري في العراق.
https://telegram.me/buratha