قاسم العجرش
ما الذي سيحصل غدا؟! والى أين تجرنا أقدامنا المتعبة؟!
قبل الإجابة على هذين السؤالين؛ يتعين علينا تحديد إحداثيات مكاننا الراهن، أو بالأصح الإجابة على سؤالين إثنين فقط: أين نقف الآن؟ وما الذي يحدث في زمن نسميه الحاضر؟ مع أن توصيف الحاضر، لا ينطبق عليه تمام الإنطباق، لأننا ما زلنا أسرى السقيفة وما تلاها من أحداث الى يومنا هذا!
الإجابة على أين نقف الآن؛ تبدو سهلة جدا، وهي أننا نقف على حافة الإنهيار، الذي بعده لا كنا ولن نكون!
وفي شأن ما الذي يحدث؟ فإن الركون الى الحقائق القديمة، هو ما يحدث هنا، وهو نتاج سعي دائب لشركائنا "الآخرين"، للرجوع الى الخلف، بالإخلال بالتوازن الاستراتيجي، وتقديم خيار ما حصل في السقيفة العتيقة، على الخيارات الوطنية!
قبالة هذا السعي ثمة فينا؛ من يتذرع بضرورة مسايرة "الآخرين" فيما يريدون، الى منتصف الطريق، متحدثين عن ضرورة المحافظة على الواقع واللحمة الوطنية، خوفاً من اقتحام مجهول لا تدرك عواقبه، وكأن الوطنية لا تلتحم إلا بفنائنا!
إن اقتحام المجهول يتطلب قفزة إلى المستقبل، ولكن لا أحد يدري أبعاد هذه القفزة، أو المسافة التي يجب أن تقطعها هذه القفزة، لذا تصعب التوقعات لما هو قادم، وهذا ما يجعل إجابة السؤال عن المستقبل، تقف في عرض الحلق خوفا من إطلاقها، مع أنها صعبة وسهلة في آن!
السهلة تأتي سريعة وتقول: إلى انهيار، وهذه إجابة مخيفة..
أما الإجابة الصعبة؛ فتستوجب تحديد احتمالاتها، ورسم أفقها، وضبط مساحتها، التي تعني لملمة شتات جبهتنا الداخلية، وهذه اللملمة تبدأ بالحوار، الذي يجب أن تبدأه النخبة السياسية الحاكمة بحوار مع نفسها أولا، وتطهرها مما علق فيها من أدران ثانيا، ثم تجلس لتحاور "آخرين" وليس "الآخرين"..
"آخرين" هم ليسوا الذين سبق أن حاورتهم الدولة تحت الطاولة، من بقايا البعث وأدعياء المقاومة من فصائل الضاري، وزعماء العشائر الذين يرقصون لكل حاكم، ولا مع المشارك بالعملية السياسية نيابة عن هؤلاء، حيث أقفل وضعه على هدف السلطة ولا شيء غير السلطة، ولا مع قادة الكورد، الذين ينظرون الى أي بقعة تقع جنوب سلطتهم القائمة، على أنها جزء سليب من أرض الجدود!
الحوار المطلوب؛ كان يجب أن يكون مع الذي تجاهلته النخبة الحاكمة، مع إدعائها بأنها منه، وكانت نتيجة تجاهلها له، أن فقد أبسط حقوق المواطنة على يدها، فصار ناقما عليها، ولو أعطته حقه وخدمته حقا، أو وفرت له أساسيات العيش الكريم، لكسبته الى صفها نهائيا، أينما يكون موقعه من مساحة هذا الوطن، في الجبل أو السهل، في الهور أو الزور، ولكانت قد وفرت على نفسها كثير مما يجري اليوم!
كلام قبل السلام : يقتضي الحوار أن نحاور أنفسنا قبل أن نحاور الآخرين!..
سلام...
https://telegram.me/buratha