المقالات

أسحار رمضانيّة ()

1365 22:54:25 2014-07-01

نزار حيدر

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا* أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا}.
عندما يتيقّن المرء انّ عمله لن يذهب سدى، وان هناك من يسجّله له، وسيثيبه عليه في الدنيا قبل الآخرة، فلا يضيع عمل عامل من ذكر او أنثى، فلماذا يبخل عن فعل الخير؟ لماذا ينتظر من الناس ان يردّوا له جميل فعله وحسن صنيعه؟ أيهما افضل أثرا وأعظم جائزة؟ ردُّ جميل على فعل خير من إنسان؟ أم عدم تضييعه من قبل خالق السماوات والأرض؟.
لماذا نربط الإقدام على فعل الخير، بشكره من العبد، او برد جميل من آخر؟ لماذا لا نفعله لله الذي لا تضيعُ عنده الودائع؟ وهو القائل في محكم كتابه الكريم {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}؟.
لو انّ كل واحد منّا قرر ان يفعل الخير بلا ثمن، لشاعت في المجتمع ثقافة العمل الصالح، والتي ستصبّ، في نهاية المطاف، في الصالح العام، وهو المطلوب.
لقد ضمِنَ الله تعالى ان يحفظ أعمالنا مهما استحقرها صاحبها او الآخرين لبساطتها مثلا او لقلّة اثرها، فلماذا لا نجتهد في العمل أيّا كان موقف الآخرين منه؟.
ان عمل الخير كقطرات المطر قد نتصورها بسيطة الأثر صغيرة الحجم، الا انها لو تجمّعت لأمكنها ان تدمر مدن بأكملها اذا ما تحوّلت الى سيلٍ هادر، فلماذا نستخفّ بعمل لصغره او نستحقر آخر لقلّة اثره، وهو لو تراكم في الواقع المعاش لترك اعظم الأثر؟.
ومن اجل ان يترك العمل اثره، ينبغي ان يتميّز بما يلي:
الف؛ ان نطمئِنّ لأثره، فلا نقدم على عمل نعرف مسبقا انه زائل مع زوال لذته، فلقد قال أمير المؤمنين (ع) {شتان ما بين عملين، عملٌ تذهب لذته وتبقى تبعته، وعمل تذهب مؤونته ويبقى اجره}.
باء؛ ان لا يصاحب العمل منٌّ او أذى يلحق بالآخرين، لان الله تعالى ضمن ان لا يضيع اجر العمل اذا كان حسنا تصاحبه التقوى التي تعني، من بين ما تعني، ان لا يتجاوز على حق الآخرين او خصوصياتهم، ولذلك ورد في القران الكريم قوله عز وجل {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} وقوله تعالى {وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ}.
وفي قوله تعالى دلالة واضحة على ذلك، اذ يقول {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} وقوله {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ}.
جيم؛ ان يكون العمل في محلّه، يملأ فراغا او يسد ثغرة او يستجيب لتحدي، فلا يكون بطرا مثلا، فلقد جاء في القران الكريم قوله {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} فالأجر يتعاظم كلما كان العمل مؤثرا في الزمان والمكان والظرف.
دال؛ الصبر على العمل لتتحقّق الاستقامة والديمومة وعدم التراجع بمجرد ان يتعرض صاحبه لنقد او هجوم لاذع او التشكيك في نواياه والطعن في خلفياته، فإذا كان المرءُ واثقا من نواياه ومن أهدافه وأدواته ومنطلقاته، فلماذا يتراجع، مثلا، اذا شكّك أحدٌ بعمله؟ او طعن بنواياه؟.
يقول الباري عز وجل في محكم كتابه الكريم {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} وصدق أمير المؤمنين عليه السلام الذي يقول {إن صبرتَ جرى عليك القدر وانت مأجور، وان جزِعتَ جرى عليك القدر وانت مأزور}. 
وكل رمضان وانتم بخير.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك