نزار حيدر
تحت هذا العنوان، وفي بادرة طيبة لعلها الاولى من نوعها، استضافني مشكورا (مرفأ الكلمة) على خدمة التواصل الاجتماعي (واتس آب) والذي يديره ويشرف عليه السيد حيدر بحر العلوم، في ندوة عن دور الاعلام في مواجهة التحديات المستمرة التي يواجهها العراق الجديد، منذ سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام ولحد الان، والتي اشتدت خلال الأسابيع القليلة الماضية.
في البدء قدمت الملاحظات التالية:
/ ان انتشار الشائعات بين العراقيين سببه افتقار الاعلام الوطني للمصداقية، والذي أممه الحزب الحاكم لصالح شخص السيد رئيس مجلس الوزراء، اما بقية الاعلام فإما انه حزبي او مملوك، من الصعب عليه ان يكسب مصداقية عالية تمكّنه من مواجهة منظومة الدعاية المضادة التي يغذيها نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية وقطر.
/ اذا اردنا ان نقسّم المعركة مع الإرهاب بالنسبة المئوية، فان () منها اعلام، او ما يسمى بالحرب النفسية، و() فقط هي حرب ميدانية في ارض المعركة، ولذلك فالنصر والهزيمة تحققه الحرب النفسية قبل ان يحققها السلاح في ساحة المواجهة.
/ والحرب النفسية تعتمد على شيئين؛ الاول: هو اسرار الدولة، او ما يسمى بالأمن القومي، والثاني: هو الخدعة التي توظفها الدول في معاركها الإعلامية، او ما يسمى بالخطط الإعلامية، ولعل في توجيه رسول الله (ص) الى الصحابي (نعيم بن مسعود) عندما جاء اليه عارضاً إسلامه عليه، قائلا له {خذّل عنا مزاعم القوم، فانّ الحرب خدعة} توجيه رائع لهذين المفهومين.
ان الأمن القومي هو الذي يمنح الدولة عنصر المبادأة والمباغتة في الحرب، خاصة الحرب على الإرهاب، ولذلك كتب أمير المؤمنين (ع) الى بعض أمرائه على الجيوش يقول لهم {أَلاَ وَإِنَّ لَكُمْ عِنْدِي أَلاَّ أَحْتَجِزَ دُونَكُمْ سِرّاً إِلاَّ فِي حَرْب}.
ان العراق، وللأسف الشديد، دولة مكشوفة الظهر، ليس فيها اي معنى من معاني الأمن القومي، كما انها تفتقر الى الخطط الإعلامية التي يمكنها ان تشن الحرب النفسية في ارض العدو وليس في ارض المعركة.
ان العراق بحاجة الى اعلام وطني حر ومستقل ومهني قادر على مواجهة التحديات، كما اننا بحاجة الى صناعة اعلام دولي على غرار الفضائيات العالمية التي يتابعها العراقيون اكثر من متابعتهم لأية قناة عراقية بما فيها الوطنية، وهذا أمرٌ يؤسف له، ينبغي ان نستفيد من التجربة من اجل ان نقلب المعادلة.
ان العراق يمتلك الكثير جدا من الطاقات الإعلامية المهنيّة الخلّاقة القادرة على النهوض بالأعلام في ساحات المواجهة، كما ان العراق يمتلك الكثير جدا من الإمكانيات العظيمة التي لو وُظِّفت في صناعة الاعلام الوطني الحر والمستقل والمهني لنجحنا في ذلك أيما نجاح.
ان من المهم جدا بمكان ان نتعلّم من تجربة الاعلام في البلاد الديمقراطية، خاصة الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من بلدان الغرب، وننقلب على طريقة الاعلام الفاشلة التي ورثناها من المعسكر الشرقي، وخاصة الاتحاد السوفياتي السابق، والذي تعتمد الرقابة والشمولية والتأميم من قبل الدولة من خلال وزارة الاعلام وما أشبه، انها منهجيّة في الاعلام اثبتت فشلها في بلدانهم، وهي صناعتهم، فما بالك في بلداننا؟.
اما الان، كإجراءات احترازية للوقوف بوجه الحرب النفسية التي يشنها العدو ضدنا، فينبغي التأكيد على ما يلي:
اولا: عدم تداول اي خبر مصدره الاعلام المضاد.
ثانيا: الدعوة لإيقاف التداول بالأخبار والصور والفيديوهات ذات المصادر المشبوهة، في وسائل التواصل الاجتماعي، فقد نكون طابورا خامسا للعدو من حيث لا نشعر، من باب (كما وردني) او من باب الفضول او لتسجيل السبق الصحفي او التسابق لنقل الخبر حتى اذا كان كاذبا.
ثالثا: صناعة شبكات إعلامية حقيقية مهمتها نقل الخبر الصحيح والتحليل السليم، من دون التستر على اي خبر، ففي عصر القرية الصغيرة والعولمة والانتشار المذهل للتكنولوجيا، فقد ولى زمن التستر على المعلومة او إخفاءها.
وبهذا الصدد، فان من الضروري الانتباه جيدا من اجل ان لا نخلط بين أمرين مختلفين، الاول؛ هو الخبر، والثاني: هو التحليل، فان اي خلط بينهما يفقد الأمرين مصداقيتهما.
رابعا: ان على الدولة العراقية، وخاصة الحكومة، حصر مصدر المعلومة بذوي الاختصاص، فلا يخرج علينا كل من هب ودب ليدلي بمعلومات عن ارض المعركة، يخلط فيها الصحيح والسقيم من الاخبار.
في زمن المواجهة الساخنة فان التناقض في سرد المعلومات يُعد جريمة كبيرة، لانها تُربك المشهد، خاصة اذا جاء التناقض على لسان عدد من المسؤولين في الدائرة الواحدة، مجلس الوزراء مثلا، كما حصل الاسبوع الفائت بشأن هوية الطائرات التي قصفت مواقع الارهابيين على الحدود السورية العراقية المشتركة.
https://telegram.me/buratha