المقالات

وصفة دواء لميت!..

1590 2014-07-13

قاسم العجرش

     التقيت قبل سنوات عدة هنا في بغداد، بصحفي روسي مستقل، يعمل في وسائل إعلام روسية وغربية عدة، تناولنا في لقائنا مواضيع شتى، معظمها يتعلق بالشأن السياسي العراقي، وحاولت تقصي وجهة نظره فيما سيكون عليه مستقبل العراق.

    الرجل كان ثاقب النظرة والتفكير حينما قال، لقد وجدتم أنفسكم؛ في إستحقاق أن تنتقلوا من الحكم الشمولي الى الحكم الديمقراطي، وهو إنتقال عادة ومثلما حصل لغيركم كان بوسائل قسرية، إذ لم يذكر لنا التاريخ حادثة واحدة، إنتقل فيها شعب من الحكم الدكتاتوري الإستبدادي، الى حكم ديمقراطي بوسائل سلمية أو ديمقراطية، وحتى في الدول ذات الديمقراطيات العريقة، فإن الحكام "الديمقراطيين"، يغادرون كراسيهم بوسائل لا تمت للديمقراطية بصلة، فالفضائح والتسقيط السياسي والتشهير، ونبش السيرة الشخصية والملفات السرية، وحدها هي التي تجبرهم على مغادرة السلطة، وفي أحيان كثيرة تسقطهم الفضائح الجنسية!.

    كنت أحاول استيعاب ما قاله، لكنه أضاف: وأنتم تنتقلون الى الديمقراطية؛ ستحتاجون الى زمن أطول من غيركم، لإتمام عملية الإنتقال، وستواجهون مصاعب كثيرة، لأن عقلكم ليس عقلا ديمقراطيا، وأنتم في حاجة الى ثقافة ديمقراطية، وليس فقط الى تعلم آليات الديمقراطية، ومثلما تقدم الشعوب تضحيات جسيمة، للإنتقال من الحكم الدكتاتوري الى حكم ديمقراطي، ستقدمون تضحيات أكثر لتصبحوا ديمقراطيين حقيقيين، ويتعيّن عليكم أن تتخلّصوا من القسم الأعظم من أمراضكم، وفي مقدمتها مرض الأنا.

    قدم فيدرو كما يحب أن يُسمى، مصداقاً لرؤيته ودليلاً واقعياً، لمسه بيده على أن معظمنا مصاب بهذا المرض الوبيل، فقل: "شوف" التقيت بعدد كبير من الساسة العراقيين، أسأل هذا عن رأي في قضية، وأستوضح من ذاك عن خططه المستقبلية، فوجدت أنهم غالباً ما يتحدثون عن أنفسهم أكثر، مما يتحدثون عن موضوع البحث! وكانت إجاباتهم جميعا تبدأ بـ (أنا أرى) (أنا أعتقد) (أنا أؤكد) (أنا قررت) (أنا أقول)..الخ..

  حاول فيدرو أن يختصر فكرته، عن كيفية إحداث تغيير، في بلد تسود فيه ثقافة (الأنا) لدى الحكام فقال: إن الفرق في عملية التغيير في بلد بثقافة ديمقراطية، وبلد تسوده ثقافة (الأنا)، هو الفرق نفسه، بين مقعد الحمام العربي ومقعد الحمام الغربي، فالمقعد الغربي يمكن نزعه بفك مسمارين فقط، أما المقعد العربي فلا يمكن فكه إلا بتكسير الحمام كله !.

كلام قبل السلام: النصيحة بعد وقوع الواقعة، كإعطاء الدواء لميت !.

سلام...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك