قاسم العجرش
منذ أن "إختل" ميزان العدالة لصالح المظلومين، أي منذ أن أزيح آخر حاكم أموي حكم العراق، لغاية نيسان 2003، وقوى الظلم تعمل بلا كلل على "تصحيح" ميلانه، ليعود كما كان دوما لصالحها قرابة أربعة عشر قرنا...
وخلال هذا الزمن الممتد من سقوط نظام صدام، وهو الذي عنيناه بآخر حاكم أموي، لم يتبق إلا القليل، لتحقق قوى الشر ما تريد، فرويدا رويدا حققت تلك القوى نصف ما تريد، من خلال مساريها الذين لم تتخل عن أي منهما, الإرهاب وعرقلة عملية التحولات الديمقراطية، من خلال المشاركة فيها، ولغمها بإشتراطاتها التي لا تنتهي, وها هي قد شرعت ومنذ أن خرج الإحتلال الأمريكي في نهاية عام 2011 تقريبا، بالمرحلة الثانية من مخطط عودتها متحكمة برقاب العراقيين، بعد أن رتبت أوضاعها مع الاحتلال ورجاله !..
في الجولة الأولى التي كانت ذروتها تفجير مرقد الإمامين العسكريين "عليهما السلام"، أثمرت عن تغير سكاني مناطقي شبه دائم، بيوت عامرة أصبحت ملكاً عضوضاً لأبناء طائفة معينة بعد أن هجر أصحابها, وجدران العزل الطائفي تشمخ باقية نخدع أنفسنا برسم صور لبغداد أيام زمان عليها.
في أثنائها، وحتى يبعد ساستنا العباقرة عن أنفسهم تهمة "الصفوية"، أعادوا عن طيب خاطر، مجرمي البعث وأجهزته القمعية، الى مؤسسات الدولة الجديدة، قبل إنصاف أي من أسر الشهداء الذين قضوا نحبهم بأيديهم, وقام ساستنا المخلصون للعراق والدين والمذهب "كلش"، بطرد آلاف من المخلصين من الشرطة والجيش بدعوى الطائفية، ليحل محلهم البعثيون والإرهابيون بدعوى المهنية !
برضاهم وصمتهم أُخُرج الإرهابيون من المعتقلات, ومن لم يخرجه العفو العام أخرجوه بواحد من طريقين: الإتفاق مع القوات الأجنبية بوصفه أصبح لا يشكل خطرا عليها ! ومن لا يطلق بالقانون يطلقونه بالقوة، كما في سجن أبي غريب أو سجن أحداث (الطوبجي), أو بالرشوة وهي أقصر الطرق "إتسلوت حبة حبة!" ـ كما في معتقل البراضعية في البصرة!.
وكانت المحصلة المخجلة؛ أن البعثيين قد تمثلوا في أعلى مستويات القرار الأمني والسياسي.
ثمة نظرية قابلة للتصديق، هي أن الإحتلال سلم لجلادينا الأزليين وهو يخرج شفرة تخدمه، مصداقها أن جهات خارجية عديدة، على صلات وثيقة بدولة الإحتلال، تعمل بقوة على المسارين الآنفين: تعزيز الارهاب، ومحاولة هدم ما بنيناه..
الجهات الخارجية العديدة، ليست أشباحا غير مشخصة من قبل ساستنا، بل يمكن القول وبلا مواربة، أن ساستنا يعرفون كثيرا مما لا نعرف، ولكنهم أما يسكتون جبناً، وحتى لا يتهمون بتهمة "الصفوية" وهي التهمة العتيقة الجاهزة، أو أنهم تربطهم علاقات "بزنس" وتبادل منفعة مع تلك الدول، مما يجعلهم يتغاضون عن دعم تلك الدول للجماعات الإرهابية..
إلا ما هو منطق الأشياء المقبول الذي يدفع العراق "حكومةً"، لتجهيز الأردن بـ"معظم" إن لم يكن "كل" إحتياجاته من النفط ؟! فيما الأردن يمثل الراعي الرسمي والرئيسي، لكل التنظيمات والأفراد الذين ملأوا قلوبنا قيحاً، بأفعالهم الدنيئة وجرائمهم الوحشية، ولسنوات طوال؛ كان الأردن المرتع الذي يرتع فيه هؤلاء الأشرار..
كلام قبل السلام: أكتب مليارات من علامات التعجب ولا تكفي !..
سلام...
https://telegram.me/buratha