ان لحظة تكليف السيد رئيس الجمهورية الدكتور فؤاد معصوم للدكتور حيدر العبادي لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، هي لحظة فاصلة بين زمنين، وان ما أتمناه شخصيا هو ان لا يلتفت احدٌ من العراقيين الى الوراء، لننشغل جميعا بالمستقبل، ليتعاون الكل من اجل التصدي للهجمة الشرسة التي يتعرض لها العراق في حربه الشعواء مع الارهاب ومن يقف خلفه، وكذلك التراكمات الثقيلة التي خلفتها لنا الفترة الماضية.
وأضفت في حديث على الهواء مباشرة لقناة (دجلة) الفضائية قبل قليل:
على الجميع ان ينظر التى الامام، فانا اطمئنكم بأنّ كل المعترضين، بمن فيهم السيد المالكي، سيلتحق بالركب، لانه، برايي، اكبر بكثير من ان تبدُر منه اية حركات صبيانية، فالذي يتولى السلطة في البلاد لدورتين دستوريّتين، يتحسس قبل غيره عِظم المخاطر والتهديد الذي يشكله الارهاب، فهل من المعقول انه سيرتكب ما يمكن ان يهدد البلاد ويعرّض المولود الجديد، النظام الديمقراطي، الذي هو احد رعاته، للخطر؟ بالتأكيد لن يفعلها.
انه سيعظّ على الجراح ويتجاوز ما يسميه بالحق الدستوري من اجل الصالح العام، وانا أتذكره جيدا عندما سمعته مرة يقول من على الشاشة الصغيرة، بان أمّه لم تلده رئيساً للوزراء ليبقى كل العمر، وهذا ما كان.
اما الذين يتخوّفون من انّه قد يقدم على ارتكاب خطأ بتحريك قوات مسلحة مثلا او ما أشبه، فلهؤلاء كذلك أقول، انه لن يفعلها، وذلك:
اولا: العراق اليوم دولة ديمقراطية يحكمها دستور لا يجيز لاحد ان يلعب بذيله على هذا المستوى من الرعونة ابدا.
ثانيا: وفي الدول الديمقراطية فان ولاء القوات المسلحة للوطن وليس للأشخاص.
حتى أقاربه الذين يمكن ان يكونوا قد تسنّموا مواقع في القوات المسلحة محاباة او أثرة مثلا، حتى هؤلاء فان ولاءهم كذلك للوطن.
ان من يواجه الارهاب بهذه الشدة لا يمكن ان يبيع شرفه العسكري وولاءه الوطني لشخص الحاكم، فالسلطات تزول اما الباقي فهو الوطن.
ثالثا: كما ان الظرف السياسي والأمني الى جانب الظروف الإقليمية والدولية، لا يسمح بذلك ابدا.
رابعا: وفي العالم الثالث، صحيح ان الحاكم قد يمتلك كل شيء عندما يكون في السلطة، الا انه عندما يتركها فسوف لن يمتلك اي شيء، ولذلك فهو اليوم لا يمتلك اكثر من مقعده النيابي تحت قبة البرلمان، طبعا، اذا ما أراد الاحتفاظ به.
انه يدرك جيدا بانه لم يعد الكتلة النيابية الاكثر عددا، فبعد التقدم الذي حصل امس في العملية السياسية لم يبق معه الا () نائبا فقط، والذين سمعت اليوم بانهم تقلصوا الى اقل من النصف.
حتى الرجل الثاني في حزبه، والناطق الرسمي باسمه، وكذلك القيادة التاريخية لحزبه، ان كل أولئك انفضّوا من حوله، فبمن يريد ان يواجه استحقاقه الدستوري يا ترى؟.
ولا ننسى صاحب الزواج الكاثوليكي، فهو الآخر طلب منه الطلاق (الكاثوليكي)!.
امّا أمنيتي الاخيرة بهذا الصدد، فهي ان تكُفّ ما بقي من ابواقه المشروخة عن الصراخ والعويل والكلام البذيء ضد الآخرين، ولتتأكد هذه الأبواق ان ليس بمقدورها ابدا ان تعيد عقارب زمن العملية السياسية الى الوراء ولو للحظة واحدة، فالصمت والإذعان أولى واسلم.
https://telegram.me/buratha