من المؤلم أن تستعرض أوجاعك, وتنشر ماسيك التي تعيش.. ولكنها اليوم بعد أن "أنطاها اللي ما ينطيها", صاغرا, أصبح لزاما علينا إن نتكلم بلا خوف ولا وجل.. لقد كان الطاغية هدام يعذبنا، بعرض صور معاركه الظالمة على الجارة إيران, والتي لا نعرف ما جنى منها غير الخيبة والخسران. بينما نحن متأكدين أننا أصبحنا مجرد أعجاز خاوية, فقد شاهدنا بأم أعيننا الشباب يعدم، أو يقتل دون دمه بحرب جائرة.
لقد جاء الأمريكان بعد تمهيد ليحتلوا العراق, وليس بشكل مباشر.
كما يبدوا أن يدهم الخبيثة، أمتدت سرا وعلانية لتشق أجسادنا, وتجعل من البعض منا وحوش كاسرة, تقتات على لحومنا وتشرب من دماءنا. فخلقت صداماتنا بصدام مع الجيران, وشاغلتنا بحرب أو حصار, إلا أن زًهدنا في الحياة, وجاءت لتجهز علينا باحتلال مباشر, دافعها وراء ذلك مصالحها الخاصة. فأمريكا لا تفكر مثلنا بانفعال, أنما تتحرك وفق استراتيجيات بعيدة. لقد جاءت محتلة وزرعت فينا المحاصصة, وهيجت الطائفية, لتجعلها معلنة, وما أقبح ناسها, هم أنفسهم وحوش صدام. اخذوا من أبناء الشعب مأخذا, فأصبحت حركاتنا محسوبة, بعد أن كنا نصول ونجول بوطننا امنين متحابين, متصاهرين. على كل حال مضت سنين, وبقي نفس الأنين, وتبددت فرحة خلاصنا من طاغية. ليعود إلينا شبيه له, لقد أصبح رئيسا.
أتذكر أول يوم رايته, فُتحت له الأبواب الخشبية الموضوع عليها نسر الجمهورية, كم صدمت آنذاك, وتخيلت أن صدام بعث من جديد.. آه وألف آه, كم كرهت نفسي, وبكيت على العراق. الآمر المزعج أكثر من غيره, انه كان ينتمي لحزب جهادي عريق, طالما تمنيناه حاكما علينا, فقد أسسه الشهيد الأول, ليكون مخلصا ومُخلصا.. وسرعان ما زادت طلاته, ومعها كنا نشاهد أحلام الفقراء تضيع, وعودا وكذب, أدعاءات فقط بلا عمل..
عمت الفوضى أكثر في بلدي, وأزداد عدد السراق أصحاب السيادة. وعوقب المجد في عمله, أخذت الناس على الشبهات, من يقتل ويسرق عزيز مكرم, ومن يعمل من اجل وطنه يقتل, مأسوفا عليه, لا معيل لعائلته, ولا نصير لقضيته.
ثمان سنوات عجاف, زاد الفساد, وأصبحنا أسوأ أهل البلاد. تصريحات وخلافات, يعقبها تفجيرات, وشهداء, فأرامل وأيتام, الى أن ملئت أرضنا بالأيتام.. كم فعلت فينا يا شبيه الهدام, دماء تجري, ودموع حارة لفقد الأحبة, وضياع القيم.. لقد تحطمت سفينة العراق, بعقولهم المتحجرة, وهم يدعون أنهم أصحاب دولة القانون. ومنهم تخرج عتاة المجرمين, والمحتالين. تمزق العراق داخليا, لتثمر شجرة حكمه, أرضا محتلة, وداعش تتولى, وعراقيين بعيدا عن أرضهم في البسيطة هائمون. مهجرون, مسلوبة أموالهم, مسبية نسائهم, مذبوحة رجالاتهم, في المجهول يعيشون, لا مالكي يدافع عنهم, ولا برزاني يستقبلهم؛ هم عراقيون بلا وطن.
https://telegram.me/buratha