توطئة: بتاريخ [ آذار ] نشرتُ الرسالة التالية بعنوان (برلمان ناجح..لعراق متحضر) والموجهة الى مجلس النواب العراقي، وكان قد بدأ للتو دورته الدستورية الثانية.
ولقد فكّرتُ في ان ابعث له رسالة جديدة لمناسبة بدء دورته الدستورية الثالثة، فلم اجد شيئا جديدا يمكن ان أضيفه على هذه الرسالة، ربما لان ما ورد فيها بمثابة رؤية استراتيجية لا تتأثر بشيء بمرور الزمن، ولذلك قرّرتُ ان أعيد إرسالها له ونشرها من جديد.
واذا كان المجلس السابق لم يستفد مما ورد فيها فآلت الامور الى ما هو معروف، اتمنى على هذا المجلس ان ياخذ بها من اجل ان يحقق ما اخفق به المجلس السابق، وان ينجح فيما فشل به ذاك.
كما اتمنى على العراقيين جميعا اين ما كانوا ان يدعموا ما ورد فيها من اجل ان نساهم جميعا في صناعة برلمان قوي ومقتدر، من خلال الضغط على النواب لتحسين أداءهم وتطوير عملهم.
نص الرسالة:
ان مجلس النواب في الدولة العراقية الحديثة، بمثابة القلب في جسم الانسان، عندما تحمّل اهم وأخطر اختصاصين من بين مجموع اختصاصاته، وردا في الدستور في المادة (61) بما نصه:
اولا؛ تشريع القوانين الاتحادية.
ثانيا؛ الرقابة على اداء السلطة التنفيذية.
وان التقصير في اي من هذين الاختصاصين يخل بمكانة المجلس، ما يعرّض الدولة العراقية الى مخاطر جمّة.
ولقد لاحظ الشعب العراقي ان مجلس النواب مقصّر أشدّ التقصير في تحمل مسؤوليّة هذين الاختصاصين الدستوريين، الامر الذي تسبب بتحريك الشارع خلال الاسابيع الاخيرة مطالبا المجلس وبقية مؤسسات الدولة بتحسين الاداء من خلال تحمّل المسؤولية الدستورية على اكمل وجه.
اننا نعتقد بان على مجلس النواب العراقي ان يبادر فورا الى تحسين ادائه بما يستتبع تحسين اداء بقية مؤسسات الدولة وعلى راسها مجلس الوزراء، من خلال يا يلي:
اولا: اداء المجلس على الصعيد الداخلي:
الف: تفعيل القانون رقم (49) لسنة (2007) والخاص بتعديل قانون استبدال اعضاء مجلس النواب رقم (6) لسنة (2006) بما يضمن حضورا فاعلا للسادة النواب، خاصة المادة الاولى ــ اولا المتعلقة بموضوع الغياب، والتي تنص على ما يلي؛ [7ــ اقالة العضو لتجاوز غياباته بدون عذر مشروع لاكثر من ثلث جلسات المجلس من مجموع جلسات الفصل التشريعي الواحد].
باء: ان الحضور الدائم والمنضبط في جلسات المجلس وعدم الانشغال بالامور التافهة كالحديث الجانبي بين السادة النواب او استخدام الهاتف النقال او النوم في بعض الاحيان او ترك قبّة البرلمان بطريقة عبثية، ان كل ذلك يزيد من فاعلية جلسات المجلس، ما يساهم في انتاج اكبر، كمّاً ونوعاً، ان على صعيد اصدار التشريعات او على صعيد الرقابة البرلمانية.
جيم: اعتماد طريقة الاقتراع السري اليكترونياً للتصويت على القرارات والتشريعات بما ينهي طريقة (شيخ العشيرة) في ادارة جلسات المجلس، ووضع حد لسطوة الكتل وزعماءها على اداء السادة النواب.
دال: تطوير قدرات النائب من خلال الدورات التدريبية والاستعانة بتجارب البرلمانات الاخرى.
هاء: الغاء كافة الاجازات والعطل الخاصة بعمل مجلس النواب الى اشعار آخر، بغية مواصلة الليل بالنهار للاسراع في اصدار التشريعات المتاخرة وللتعويض عن السّنة التي فاتت من عمر المجلس، والتي لم يصدر فيها اي تشريع.
ثانيا: تشريع القوانين الاتحادية
الف: تحديد سقف زمني لتشريع القوانين المعطّلة، لا يتعدى الستّة اشهر كحد اقصى.
باء: البدء فورا بحسم وتشريع او تعديل مشاريع القوانين المطلوبة حسب الاولوية القصوى، وبالتشاور مع الحكومة، بعيدا عن الانتقائية، منها القوانين التالية؛
ـــ قانون الاحزاب.
ـــ قانون الانتخابات.
ـــ قانون الاستثمار.
ـــ قانون الضمان الاجتماعي.
ـــ قوانين الامومة ورعاية الطفولة.
ـــ قانون حماية الصحفيين.
ـــ قانون العمل.
ـــ قانون النفط والغاز.
ـــ قوانين مكافحة الفساد.
ـــ القوانين التي تكفل تفعيل اختصاص الرقابة النيابية.
ـــ قانون المحكمة الاتحادية.
ـــ قانون هيئة النزاهة.
ـــ قانون المفتّشين العاميّن.
ـــ قانون ديوان الرقابة المالية.
ـــ قانون مجلس القضاء الاعلى.
ثالثا: الرقابة على اداء السلطة التنفيذية
1ــ البدء بعملية تحقيق فوري بحالات الفساد المالي والاداري كافة، منذ العام 2003 ولحد الان، واطلاع الراي العام العراقي على نتائجها، وبكافة الطرق كالاعلام، بما يطمئن الشارع على اهتمام المجلس بمحاربة الفساد الذي يعتبر اليوم اخطر آفة تهدد البلد بالانهيار.
كذلك التحقيق بحالات الفساد المدمّرة بقضايا العقود والاستثمار.
2ــ التعجيل في سحب الثقة من اي مسؤول تثبت عدم كفاءته واهليّته لتسنم موقع المسؤولية، خاصة الوزراء ووكلائهم، والسعي لاستبدال الوزراء الذين استوزروا بسبب المحاصصة او الحزبية، وليس لكفاءتهم وخبرتهم ومهنيتهم ونزاهتهم.
3ــ تحديد القوانين الفاسدة التي ورثها العراق الجديد من فترة النظام الشمولي البائد، وكذلك من فترة سلطة الحاكم المدني، والتي تتعارض مع سياسة العراق الديمقراطي الجديد.
4ــ الغاء كافة المناصب غير الضرورية، ومنها الوزارات الاضافية التي سببت ترهّل الحكومة الحالية، جراء مبدا المحاصصة سئ الصيت.
5ــ الرقابة والاشراف المباشر والعملي على تطبيق الدستور، خاصة ما يتعلق بقضايا الحريات العامة، وحقوق المواطنين، وما يتعلق بقانون ازدواج الجنسية لمن يتولى منصباً سيادياً او امنياً رفيعاً، حسب نص الدستور في المادة (18) رابعا.
6ــ متابعة مطالب المتظاهرين في اطار الدستور والقانون سواء بشكل مباشر او مع مؤسسات الدولة المركزية او المحلية، من خلال تفعيل حضور مكاتب النواب والمجلس في مختلف الدوائر الانتخابية.
اننا اذ نتقدم لمجلس النواب بهذه الورقة، نتمنى على السادة النواب ان ينتبهوا الى خطورة المرحلة ودقة الظرف التاريخي، وكلنا امل في ان يتحملوا المسؤولية ويؤدوا الامانة للناخب على احسن وجه، ومن الله تعالى نستمد جميعا التوفيق والسداد والنجاح.
https://telegram.me/buratha