أشد المواقف رعُباً، أن يتعامل ذباحو البشر بالأرقام القياسية، وكأننا في ماراثون الذبح البشري، ومن سيُحطم الرقم القياسي للنازية، أو الفاشية في الإبادة، والقتل الشنيع! رقم(1700) شهيداً، قد يكون قياسياً من حيث الزمان والمكان، يُسجل لدواعش العصر في سباقات الذبح التي يمارسونها فيما بينهم، وجمع الرؤوس لمعرفة من هو الفائز في لُعبة الموت بدمٍ بارد!
قد نكون في تيه من أمرنا؛ عندما تتوالى علينا أرقام الشهداء، بين الفينة والأخرى؛ ليبقى مايدور في مخيلنا؛ حصيلة القتلى لا غير؛ دون أن نتسائل كيف قتلوا! لكن شريكنا في عمليتنا(السياسية) يرى العكس تماماً، فالأرقام لاتساوي في ذهنه شيء قياساً بِمُسببات القتل، وآليته المتبعة في سفك الدم، ويُفكر في حالة الإحتجاج، والتنديد التي يمارسها، وهو يصرخ لمظلوميته!
كان الترويج لحادثة "مُصعب أبن عمير" والضجيج الذي مورس من قبل المتحدثون السُنة ، وإعلاء الصرخات ، وبح الأصوات، عكس الإحتجاج عن مجزرة سبايكر ، والرقم القياسي الذي قُتل بين صريعٍ في وادٍ، وقتيلٍ في نهر، وجثة بلا رأس، ولم تلق صرخات الإستنكار لهذه الجريمة الشنعاء صدىً واسع لدى كثير من المتحدثون الشيعة، وإهتموا بالرقم دون النظرِ الى طريقة القتل، ومخلفاته.
كيف لنا أن نامل نجاح العملية السياسية، بوجود كفتين متناحرتين؛ كفة تطالب بمحاسبة المتورطين بحادثة ذهب ضحيتها(70) قتيلاً، والسكوت، والتخفي عن مجزرة(1700)، وأخرى صمٌ بكم عن حقوق جمهورها ذات الأغلبية الواسعة! وكيف لنا أن نُحقق ما يسمى" مصالحة وطنية" في ظل التناحر، وتراشق التهم بصبغة طائفية، وندافع عن مصاصي الدم، ونخذل(ممصوصي) الدم! فإلى متى تُعشق المناصب على حساب" المكَاريد" فلم تهزكم " الشيلة" ياساسة..!
صراخ إمراة جعل مجزرة العصر، وكأنها تتجدد، بالألم والحرقة في نفوس الأغلبية المغلوب على أمرهم، وقادة رأي لم يحركوا ساكن إزاء هذه الجريمة التي تصدعت لشناعتها جدران قاعدة سبايكر؛ لوحشية القتل، والتنكيل، وترقيم الرؤوس المفصولة عن الجسد لمعرفة من فاز بمُسابقة الذبح! فمتى تداوى الجراح، ويُكشف ما كان مستوراً خلف تلك الجدران، لتُثلج صدور الثكالى المفجوعين بفقدان الأحبة. ويثأر الأبرياء لأخوتهم المغدورين.
في بواكير الطفولة، كانت أثار الأكف على جدران المدارس، تنبعث منها رائحة معجون الطماطم، أو صبغ(البويا الأحمر) لمحاولة لزرعِ الخوف في نفوسنا، لُنصبح فيما بعد شعب الموت والرعب؛ هكذا أراد(أبو حلا) ولا نعلم أن تلك الأكف ستتحول الى حقيقة، وأن ذلك اللون الأحمر الذي يوضع لتمثيل الدم، أصبح رُعباً واقعياً، لايمت الى الخيال بِصلة.
لا زالت أثار الأكف الحمراء على جدران قاعدة سبايكر، حتى يثأر" المكًاريد" للمغدورين، ويُحاسب من هو خائن، ومُتخاذل، جراء هذه المجزرة البشعة ضد الإنسانية، وأن لم يحصل ذلك فضعوا "الشيلة" على رؤوسكم يا ساسة!
https://telegram.me/buratha