مجزرة العصر، التي أذهلت جميع الحقوقيين، مئات القتلى من الطلبة الأكاديميين، ذبحوا كما تذبح الأغنام، لم يرتكبوا أي جريمة، فكانت وقعا عظيما في تاريخ المجازر، والألم يعتصر القلوب، والعيون تكاد تدمع دما، فالصدمة لا تزال سيدة المواقف، وجل الساسة صامتون، لم يحركوا ساكنا، جراء ما حدث من هذه المذبحة الكبيرة .
ليس من الغريب، أن تتشابه الأحداث بين الحين والآخر، فالتاريخ قد حدثنا سابقا عن جريمة حدثت في العاشر من محرم؛ أجل واقعة الطف الأليمة، التي قتل فيها الحسين عليه السلام وأهل بيته وصحبه، بعدما قطع الماء عنهم لثلاثة أيام متتالية، وعشرات الألوف تجمعوا لمقاتلة ما يقل عن المائة، الجريمتان تتشابه، فالقتلة هم نفسهم الذين ارتكبوا المجزرتين، وإن اختلف الفاعلون .
الغريب في القصة، إن الطلبة حصلوا على إذن بالذهاب إلى أهاليهم، في حين البلد يعيش في حالة طوارئ قصوى، فالأوامر صدرت من كبار الضباط، هنا تساؤل يطرح نفسه، فما حدث من سيطرة تنظيم داعش على المحافظات الستة، كان الطلبة على علم بما جرى، هذه الملابسات تشير إلى تواطئ على مستوى كبير.
العديد ممن نجوا من هذه الواقعة، رووا ما حدث لهم، أثناء مغادرتهم لمعسكر سبايكر، العشائر تنتظركم عند بوابة المعسكر، لكي يخلصوكم من داعش، قولوا لهم أنتم من أي محافظة، كي يأخذوكم إليها، لا تقلقوا إنهم معكم، لكن المفاجئة حدثت والتي لم تكن بالحسبان، فعند السيطرة على الأسرى وأحكام القبض عليهم، رفعت أعلام داعش، والمصيبة قد جرت في حينها، اقتيدوا إلى المذابح مثلما تقتاد الشاة، أسم رب داعش يعلو الأصوات، فرب المغدورين بريء مما فعلته هذه العصابة الإرهابية .
المجتمع الدولي الذي ينادي بحقوق الإنسان لزم الصمت وكأن لم يحدث شيئا، فالمقتولين من الأغلبية التي يصادر حقها منذ أمد بعيد، فبمجرد تهديد داعش بقتل وتهجير المسيحيين والصابئة، انتفضت الدول العظمى منددة بما سيحدث، ولكن ضحايا سبايكر ليسوا بشر، ولا ينتمون إلى الإنسانية أصلا، ذنبهم أنهم من الأغلبية التي هي أقلية سياسية في الواقع المرير، ولا يخفى إن العالم أيضا، تغاضى عما حدث في قطاع غزة المحاصر، فالصدفة ليست بالغريبة، أرقام الضحايا تتقارب هنا وهناك .
صمت وسائل الإعلام المخجل، التي أخذت على عاتقها نقل ما يجري بكل مصداقية وشفافية تامة إلى العالم، لكنها تغاضت عن نقل الفاجعة للرأي العام، ربما هنالك من يرغمها على السكوت، فالحكومات الداعمة لتنظيم داعش، لا ترغب بكشف جرائمها .
القضاء العراقي، أين هو مما يحدث؟ لماذا لا يفعل شيئا؟ الحكومة التي من واجباتها الحفاظ على حياة المواطنين، القيادة العامة للقوات المسلحة متى تخرج من صمتها؟ البرلمان الذي يعتبر مشرعا ومراقبا !!! أسئلة وأسئلة تكثير والإجابة غائبة عن المتسائلين .
https://telegram.me/buratha