لا أحد يعجز عن الكلام الطيب والشّعارات المعسولة والوعود البراقة، ولكن قد يعجز كثيرون عن الالتزام بكلامهم وتحقيق شعاراتهم وتنفيذ وعودهم.
وأضفت في حديث عن منح مجلس النواب العراقي الثقة لحكومة الدكتور العبادي على الهواء مباشرة لبرنامج (العالم هذا المساء) على قناة (بي بي سي) العربية اليوم:
ولا يشذ البرنامج الحكومي الذي قدمه اليوم دولة رئيس مجلس الوزراء الجديد الدكتور حيدر العبادي عن هذه القاعدة، فهو، من الناحية الدستورية والقانونية، لا غبار عليه بل انّني اعتقد بانه افضل ما قدّمه رئيس حكومة منذ سقوط الصنم في التاسع من نيسان علم ولحد الان.
السؤال هو؛ هل ستنجح الحكومة في تنفيذ برنامجها هذا؟.
اعتقد ان الامر ليس بالمستحيل وهو ممكن اذا خَلُصَتْ النوايا، وهذا يتطلب ما يلي:
اولا: ان يتذكّر كل الشركاء في هذه الحكومة الجديدة، وكل الفرقاء شركاء والحمد لله اذ لم يتم إقصاء او تهميش أحدٌ ولذلك كلهم حصلوا على (عضّة) من الكعكة، ان المسؤولية تشاركية ليس من حق أحدٍ ان يتهرب منها ابدا.
ثانيا: لينصبّ اهتمام كل وزير على وزارته، فيديرها بافضل طريقة، لينجز وينجح، واذا ما صادفته معوّقات، ومن اي نوع كان، فليتحدث عنها بصوت عالٍ يسمعه الراي العام، فإمّا ان يتجاوز عن عجزه اذا كانت حججُه معقولة او ان يحاسبه فيطالبه بالاستقالة وترك الموقع لمن هو اقدر منه على ذلك، اذا كانت حجته باطلة.
ثالثا: اّما دولة رئيس مجلس الوزراء فليمنح الوزراء مدة () يوم ليبيّنوا على الأقل الإرهاصات الاولى للنجاح، والا فليسُنّ ثقافة المحاسبة والإقالة والاستبدال كلما ثبت له فشل وزير.
ليكن المعيار في المحاسبة هو النجاح والفشل، من دون النظر الى انتماء الوزير.
هو ليس بحاجة الى ان ينتظر لحين انتهاء المدة الدستورية لوزارته، فالظروف القاسية التي يمر بها العراق الان لا تتحمّل الانتظار اربع سنوات كاملة اذا كان الوزير، اي وزير، فاشلا لا يقدر على الإنجاز.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، ما فائدة الاستغناء عن خدمات وزير او إقالته اذا كانت المدة الدستورية قد انتهت؟ ان فلسفة الإقالة والاستبدال تنفع خلال المدّة الدستوريّة وليس بعد انتهائها، وبذلك ستكون آلية رائعة لاثابة وزير ومعاقبة آخر، الامر الذي يشجع على النجاح ويحث على الإنجاز، والا، فليتحمّل رئيس مجلس الوزراء فشل كل وزير اذا لم يُبعدْهُ عن فريقه في حال ثبت فشله.
هذا الامر بحاجة الى ان يتعامل رئيس الحكومة مع وزرائه كموظفين ليكونوا مستعدين للمحاسبة والإقالة والتغيير في أيّة لحظة يراها مناسبة.
يجب ان نؤسس لثقافة التعديل الوزاري، كما يجب ان نؤسس، في هذه الدورة، لثقافة سحب الثقة عن الحكومة بمن فيها الرئيس، ليتعلم الوزراء ثقافة الإنجاز من خلال مفهوم ان الموقع مسؤولية وهو ليس تشريفي ابدا.
https://telegram.me/buratha