أفقدتنا أزمَة الأمور التي صرنا إليها الثقة بالسياسيين, حتى أصبحنا نفصل بين السياسي, وخطابه, بين الدول وساستها, وسياسيها..
فلم تغدو السياسة من منظور المواطن إلا فن للكذب؛ كيف ولا وهو يشاهد من إرتضاهم لنفسه قادة, يتحطمون على صخرة الوقت, ويذهبون كالزبد..
السياسي العراقي هذه ألايام , رجل يظهر في وقت الأنتخابات, يطلق الوعود, ويقرب البعيد, ويعيش الفقراء في عالم سعيد, في جلساته, يعيد لنا الآمن, يقضي على المفسدين, يبني البيوت, ويوزع الأراضي, يحل مشكلة البطالة...
وبعد الفوز بالانتخابات, لا نراه إلا عرضا, ولا نسمع صوته إلا في الأزمات, كلامه يخالف أفعاله, يبري نفسه ويحمل المسؤولية لذاك, ويتهم بسلاطة لسان غير معهودة أولئك, كأنهم فُرقاه, وليسوا بشركاء..
مرارة مستمرة, وكليشة معَدة ثابتة, تجدها متكررة دائما, على طول السنوات السابقة, وربما القابلة..
نادراً ما نجد أحدهم صاحب موقف, يتحرك بمنهجية, يهتم بمصلحة العراق, ويشعر بالعراقيين..
ومن كل الساسة العراقيين المعروفين, يبرز عمار الحكيم؛ بمواقفه المبدئية, وطرحه الواقعي, في وقت يتحرك أغلب الاخرين, عشوائيا بلا مواقف!
عمار الحكيم, رجل خبر السياسة أباً عن جد, شعاره كما يبدو لي: الوسطية, يبحث عن التوافق في عالم الاختلاف..
كثيرا ما ظننته خياليا, ولطالما وضعت له أغراض مختلفة, فمرة أعتقدته يسعى لتولي حكم ولاية الجنوب, ومرة أخرى, لاستلام الحكم, ولكنه والحق يقال كان يفاجئني دائما, فقد غَلب مصلحة العراق على مصلحته, ولم يطالب لنفسه, كما طالب للعراقيين..
عمار الحكيم قريبا من الحدث, يحظى بالمقبولية من الجميع, بابه مفتوح للجميع..
يرضى بحكمه السني المتطرف, برغم أن لعمار زي شيعي صارخ, وهو مواظب على طقوس الروافض, التي يحرص على أن يقيمها مع أبناء الطائفة الشيعية, فهو رجل يرجع بالنسب للرسول محمد, مهتم بإقامة الشعائر الحسينية, التي يكرها المتطرفون السنة لحد الجنون والتكفير ..
عمار الحكيم يجمع حوله الساسة وان كانت لهم طرائق قددا, ويوحد بين الرؤى المختلفة بشكل مُحير غريب .
أمر دفعني للبحث في خطابه ومواقفه, لم أجد منه شيء ممكن أن أعتبره مثلبة, هو يقول بصدق :"شعب لا نخدمه لا نستحق أن نمثله", و"المواطن أولا", يشجع على إقامة الدولة الاتحادية العادلة المستقلة..
ينظم مؤتمرا للسلم الاهلي, وأخر لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة, أخر للتربية والتعليم, أخير للنازحين قسرا, وينادي بضرورة ان ينال العراقي حقوقه..
لم يتغير عمار الحكيم في مختلف المواقف, بل بقي قوياً مرناً, غير متفاخراً أو مستكبراً, يقابل ببشاشته وبساطته الفقير, يلتقي بنفس الثوب الوزير والسفير..
شاهدنا كيف أصبح بالأزمة الاخيرة, التي رافقت تشكيل الحكومة محوراً مهما للحل, ولاعباً أساسيا في عملية جمع المكونات, لتظهر حكومة السيد العبادي..
أمر يدفعني لان أقر بأن الجواهر تكمن ..
فهل سيكون السيد ممرا نحو حفظ الحقوق, وتحقيق الاهداف, بعد أن نجح بتشكيل الفريق الحكومي؟
https://telegram.me/buratha