خلال سنوات الفتنة الطائفية بين اعوام 2005 و2007 ،والتي تسببت بجراح عميقة في جسد اللحمة العراقية، انبرى رجل الحكمة الراحل السيد عبد العزيز الحكيم،بطلب تشكيل اللجان الشعبية تكون مهمتها حماية المناطق السكانية وظهيرا ساندا للقوات المسلحة ومؤسسة منخرطة مع الدوائر الامنية،وكانت رؤية السيد الراحل تنطلق من احقية هؤلاء الشباب في حماية مناطقهم ومساعدة القوات الامنية والقضاء على البطالة بين صفوف الشباب من ذوي التعليم المحدود، الا ان طلب السيد الراحل لم يؤخذ على محمل الجد من قبل القيادات السياسية والعسكرية المتصدية في تلك الفترة جهلا وحقدا وحسدا،ولم يكتب للتجربة النجاح وبقيت في حدود المبادرات المحدودة،الا انها اينعت نبتةٌ صافية في منهج الاخلاص والصدق والنزاهة،مع اهمية الاشارة الى ان فكرة اللجان الشعبية، ليست الفكرة او المشروع الاول الذي يقف الجميع بالضد منه،بل سبقه الى ذلك مشاريع ومطالب لو قيض لمن عاصر الراحل الحكيم فهمها وادراك اهميتها واستشراف مستقبلها لما تردد لحظة واحدة في رفضها.
المهم ان المشروع اعيد إحيائه من جديد،وهذه المرة بعد ان اصاب العراق سهما بمقتل،تسبب بخسائر بشرية ومادية كبيرة، مع فقدان مساحات شاسعة من ارض العراق العزيز،غير ان اعادة احياء فكرة اللجان الشعبية لم تكن من جهة الحكومة او ممن رفض فكرة عزيز العراق،انما جاءت من خلال طرف لا يمكن الوقوف بوجهه او التشكيك بدوافعه ،وكما فعلوها سابقا، وهذه الجهة هي المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني،الذي افتى بوجوب الجهاد الكفائي لدفع الضرر عن ارض العراق،ومقاتلة العصابات الاجرامية التابعة لتنظيم داعش والمجاميع الاجرامية الاخرى،فكان ان تشكلت لجان الحشد الشعبي.
وللحق فانه لولا فتوى المرجع الاعلى بوجوب الجهاد الكفائي ومقاتلة تنظيم داعش والعصابات الإجرامية،لكان وضع العراق مختلف تماما،ولكنا مشردين او مقتولين او اسرى وسبايا نساق من بلد الى بلد،الا ان ابطال الحشد الشعبي تمكنوا من وقف تقدم العصابات الداعشية،وأعادوا مسك الأرض ومن ثم بدءوا عملية استعادة ما تم سلبه من قبل خفافيش الظلام.
ان تجربة الحشد الشعبي استنساخ لتجربة اللجان الشعبية ،وهي تجربة ناجحة وتحتاج الى استمرارية وديمومة ،من اهم مقدماتها تشكيل هيئة وطنية جامعة لهؤلاء الأبطال تكون مهمتها احتضانهم وإعادة تأهيلهم كل حسب محافظته باعتبارهم المدافعين والمضحين والمجاهدين الذي بذلوا أنفسهم دون شروط او امتيازات وعلى عزيمة هؤلاء تقاس الأمجاد والمكاسب والانتصارات.
ان على الدولة الاسراع بتوفير احتياجات هؤلاء الابطال واتمام اوراق تعيينهم وتسليحهم بما يليق بمقامهم وزجهم في دورات تخصصية ومنع التلاعب بحقوقهم او ادخال العناصر السيئة معهم لان من شان هذا الفعل ان يسيء الى هذا التشكيل العقائدي الذي تمكن في غضون ايام من اسقاط هيبة وجبروت داعش الوهابي، ووجود العناصر السيئة في هذا التشكيل المقدس سيؤدي الى افساد المشروع برمته وينزع عنه صفة الولاء والانتماء الى الوطن والى الشعب وسيجعله تابعا للدينار والدرهم والعبودية العسكرية المجردة.
على المعنيين ان يتوقفوا في هذه الفاصلة الزمنية عن فشلهم وجهلهم وإجراءاتهم الروتينية المميتة وان يعيدوا عقارب الزمن الى الوراء ويتعلموا من الاخطاء القاتلة التي تسببت بخسائر كبيرة حد الوجع وان يعملوا في هذه المرة باخلاص من اجل العراق والعراقيين فقد تكون الفرص غير متوفرة في المرة المقبلة خاصة وان من اطلق الفتوى ليس شريكا سياسيا يمكن تاويل مطالبه رغم ان من ادعاها اول مرة كان مخلصا ايضا لكن نقول... فات فات وعلينا بالزمن آلات.
https://telegram.me/buratha