في أوّل اختبار للقدرة فشلَ السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي في الالتزام بتعهّده الذي قطعه امام نواب الشعب العراقي، وفي بث حي تابعه العراقيون، والذي قال فيه بأنّه سيسمّي الوزراء الامنيّين خلال مدة اقصاها أسبوع واحد اذا ما فشلت الكتل السياسية في التوصل الى اتفاقات معقولة بهذا الشأن.
انه يمثّل تحدي الشفافيّة الذي وعد به الرأي العام، فامّا ان يكون قادراً على الوفاء بتعهده، فلماذا لم يفعل؟ او انه عاجز عن ذلك فلماذا وعد اذن؟ او ليتحدث بصراحة عن الأسباب التي حالت بينه وبين الوفاء بوعده. ولو انه كان قد سمّى وزيري الداخلية والدفاع في تلك الجلسة البرلمانية وأجّل تسمية كل الوزراء الآخرين، لكان قد فعل الشيء الصحيح في الوقت الصحيح، اما انه فعل العكس، فانه لم يُحسن صنعاً ابداً، لماذا؟ لان التحدي الأعظم الذي يواجهه العراق اليوم هو تحدي الاٍرهاب او بمعنى اخر تحدي الدفاع الذي يعتمد المنظومة الأمنية التي يقف على رأسها وزيرين بمميزات خاصة.
ان التأخر في تسميتهما يعني التأخر في متابعة الحرب على الاٍرهاب، والتأخر في تسليح الجيش العراقي، والتأخر في وضع الخطط الحربية والأمنية الجديدة التي تنسجم مع الظروف الطارئة، ويعني التأخر في الاهتمام بالحشد الشعبي الذي قيل له {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}.
اتمنى ان لا يكرر خطأ سلفه عندما أصغى الى مشورة سيئة من (أصدقاء) تقضي بترك الوزارتين شاغلتين، لحاجة في نفس يعقوب، ولكنها..لم تنقضي!.
صحيح انّ سلفهُ سلّمه عراقا مهشّما يشبه الى حد بعيد كاساً سقط على وجهه الى الارض فتحول الى اجزاء صغيرة محطّمة ومتناثرة، فتحدياته كثيرة جداً، وهي تشمل كل مرافق الدولة والحياة، ولكن يبقى التحدي الأمني على رأس كل هذه التحديات، لان البلد بأمنه، فاذا ضاع لا سمح الله، فماذا ستنفعه بقية جوانب التحديات؟ خاصة وان التحدي الأمني في مواجهة مع ارهابيين من نوع خاص، اذا تمكّنوا من مكان حوّلوه الى جهنم، واذا سيطروا على مدينة حوّلوها الى ركام من الرؤوس المتطايرة والدماء السائلة والحرائر المنتهَكة والحقوق المسحوقة، واذا تمكّنوا من حياة حوّلوها الى موت، وبكلمة حوّلوها الى خَرِبة ينعق فيها الغربان والبوم، كما هو حال الموصل الحدباء اليوم مثلا. ان على رئيس مجلس الوزراء ان يسمي فوراً وزراء الدفاع والداخلية وبمواصفات تنسجم مع التحدي وتستجيب للظّرف الخطير والعصيب، منها على سبيل المثال لا الحصر:
اولا: وزراء ميدانيّين يديرون المعركة في كل شبر من ارض العراق الطاهرة التي اغتصبها الارهابيون.
ينبغي ان لا يرى العراقيون وزيري الدفاع والداخلية في مكتبيهما، فالحرب على الاٍرهاب لا تُدار من خلف الطاولات او باجهزة التحكم عن بعد ابدا.
نريدهما مع الجندي العراقي في ارض المعركة، ومع الحشد الشعبي يقفون على حاجاته ويلبّون طلباته من سلاح ومؤونة وكل شيء.
ثانياً: وزيران يأتمران بأمره وليس بأمر الكتل السياسية التي ترشحهما، وكم اتمنى ان يتم ترشيحهما من قبله شخصيا وليس من قبل الآخرين.
اتمنى ان لا اسمع منه كلاما بشان تسميتهما يشبه كلامه عن بقية الوزراء عندما قال في جلسة الثقة البرلمانية بانه استوزر بعض الوزراء بلا رغبة منه.
ثالثاً: وزيران عراقيان لا ينتميان الى دينهما او مذهبهما او حزبهما او كتلتهما او اثنيتهما. وزيران ينتميان الى العراق، فانّ من اعظم المآسي على العراق هو ان يكون وزيرا الدفاع والداخلية طائفيان او عنصريان او حزبيان، لانهما سيكونان جزءاً من المشكلة الأمنية القائمة في الوقت الذي يجب ان يكونا حلا لها.
اذا لم يكونا وطنيان ينتميان الى العراق فقط فسيكونان جزءاً من معركة الإرادات الإقليمية والدولية التي تدور رحاها على ارض العراق، وللاسف.
رابعاً: امّا معايير النزاهة والخبرة والتجربة والمهنية، فلسنا بحاجة الى ذكرها هنا لكثرة ما جرى الحديث عنها.
ينبغي ان يُستوزر لهذين الوزارتين الرجل المناسب في المكان المناسب، ليحقّقا انجازاً أمنياً ملموساً في اسرع وقت، وبصراحة أقول، فان معيار نجاح او فشل الحكومة الحالية يعتمد على نجاحهما او فشلهما، لانّ النّاس يمكن ان تتحمل كل شيء الا القتل اليومي والتفجيرات وتهديد الارهابيين وانتهاك الأعراض والعدوان على الممتلكات وتزايد حالات النزوح الجماعي.
أتمنّى ان نصحو في الصباح على وزيرين يُعتدّ بهما، وان لا نصطدمَ بهما كما صُدمنا بغيرهما من قَبْلُ.
https://telegram.me/buratha