المقالات

قبل أن نشيع الى مثوى التأريخ!..

1689 2014-10-10

       قاسم العجرش

   صحيح أن المشكل الأمني، سيما بعد 10/6 وما تلاه من أيام، يشكل الهم الأول، في قائمة هموم وإهتمامات العراقيين وساستهم، لكن دعونا نفكر بعيدا عن نظرية المؤامرة، التي ترى أن ما يجري من تداعيات أمنية، لا تهدف إلا لتعطيل العملية السياسية، وإتمام تشكيل الحكومة، لأنه تفكير آني وسطحي، يلغي الأسباب الحقيقية، التي تقف وراء ما حصل، وفي مقدمتها العمل على إعادة المعادلة التأريخية المقلوبة، حيث أقلية تحكم أكثرية منذ 1400 عام!

   يتعين أن نبتعد عن هذا التفكير المبسط، الذي يقاربه محدودي التفكير، أو الذين لا يعرفون إلا العيش في آجام نظرية الشك..

   منذ ثلاثة عقود من الزمن، أي منذ إنهيار الإتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الإشتراكية، والعالم في تغير دائم، وليس بالإمكان العودة الى الوراء، وبشأن ما يحدث في منطقتنا، فإن سايكس بيكو هرمت، وتجاوز عمرها قرن من الزمان، وهي وما أنتجت تحتضر، وقريبا ستشيع كجثمان الى مثوى التأريخ!

ربما سأرجم بآلاف الأحجار لما أقوله، لكنها الحقيقة التي يتعين أن نعد أنفسنا لها، وأن نتعامل مع ما حصل وسيحصل بما نريد، لا بما يريده لنا الآخرين!

   العالم من حولنا يتغير بسرعة مضطردة، ومن أراد أن يحجز لنفسه مقعدا في المستقبل، عليه أن يرتب أوضاعه، لكي تتوائم مع عملية التغيير، لكننا لم نفعل شيئا، وما فعلناه يشكل تراجعا ونكوصا، بمقاييس التغير الذي يتسارع، غيرنا الى الأمام ، ونحن ننكص الى الخلف، ويوما بعد يوم تزداد المسافة الفاصلة مع غيرنا، هم بالإتجاه الموجب،ونحن بالإتجاه السالب!..

   لذلك وما دمنا لا نمتلك أدوات كثيرة للتأثير، على أن نصنع أدواتنا، وأولها أن نبني بنية تحتية قوية، لا تكفل لنا العيش في عالم دائم التغير فحسب، بل أن نكون وبقوة بنيتنا تلك، فاعلين ومؤثرين في العالم..

   البنية التي أتحدث عنها، هي ليست الطرق والمطارات، والسكك الحديد والموانيء وغيرها مما ينصرف اليه الذهن أولا فحسب، بل أن نتهيأ ماديا وروحيا، ونكون متصالحين نفسيا مع الواقع الجديد.

   نحن بحاجة الى أن نبني أنفسنا مجددا، لكي نلحق بالعالم الذي يعيد تشكيل نفسه، حيث تُبنى مجتمعات جديدة في كل شيء، في السياسة والعلوم والتكنولوجيا والاقتصاد، وفي التشكل الديموغرافي، وماكينة الشعوب حية متحركة، تعمل على إعادة إنتاج نظم جديدة في التعليم، وأطر العمل، والقوانين والمشروعات المجتمعية، لتنتج مخرجات بقيم نفسية وأخلاقية ومجتمعية جديدة، تتراكم في المعرفة والانجاز، و لا يمكن أن يأتي التغيير بفعل خارجي، إلا إذا كان مكملا ومساعدا.

كلام قبل السلام: تغيير الأمم والمجتمعات الإيجابي يبدأ ذاتيا، لا بإستقدام القوات الأمريكية، فهذه ستعيدنا الى الوراء حتما!

سلام.....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك