{فَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً اَسَّسَتْ اَساسَ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ}.
اذن، هناك ظواهر للأمور وبواطن، فأمّا العقلاء فيبحثون في البواطن ليعالجوا الامور من أساسها، امّا غيرهم فينشغلون في ظواهر الامور ولذلك تراهم لا يصِلون الى نتيجة لانّ الظواهر لا يمكن ابداً انْ تضع لها حدّاً اذا لم تُعالج أُسسها.
في هذا النص الوارد في زيارة عاشوراء، يُثبّت المعصوم مبدأ استراتيجي في معالجة الظلم في المجتمع، يعتمد على الأسس التي ينبني عليها بغضّ النظر عن الظواهر، فاذا تمكّن المرء من تحديد أُسس الظّلم أمكنه معالجتها وقطع دابره من أساسه، والا فانه سينشغل بالظواهر والآثار التي لها أوّل وليس لها آخِر ابداً، اذا لم يتم معالجة الأسس.
ولتوضيح الفكرة أسوقُ مثلا برجلٍ أراد ان يجفّف مستنقع ماءٍ آسنٍ تتراكم فيه الجراثيم التي تنشر الأوبئة، فاذا لم يعمدْ الى تجفيف مصبّ الماء لهذا المستنقع، فسيظل طوال عمره مشغولاً بتجفيفه ومتحمّلاً آثاره وظواهره بلا نتيجة تذكر، امّا اذا جلس جانباً لبضعة دقائق وفكّر جيداً واهتدى الى اساس المنبع الذي يصب في المستنقع لأمكنه معالجة اساس المشكلة بإغلاق المصبّ وبالتالي تجفيف المستنقع من دون كثير عناء.
ان مشكلتنا هي انّنا ننشغلُ دائماً بالظواهر، وننسى او نتناسى معالجة الأسس، ولعلّ في الحرب على الارهاب اليوم خيرُ دليلٍ على ذلك، من دون ان أغفل عن تعمّد البعض في ذلك لنبقى منشغلين فيها، والدماء تسيل انهاراً والناس منشغلةً بها عن التنمية والبناء والتطور.
ان كلّ العالم مشغولٌ اليوم بظواهر الارهاب، بأسمائه ومسمّياته وآثاره المدمّرة وأفعاله وجرائمه المخزية، فيتمكّنون من هذا الإرهابي ويمنعون المال عن ذاك التنظيم ويحرّرون تلك البلدة التي كان قد استولى عليها الارهابيّون، وهكذا، في حربٍ استنزافيّة واضحة، ولكن لا احد يفكّر، او قل، ممنوع علينا ان نفكّر بأسس الارهاب لتجفيف منبعه، وكلنا نعرف جيداً، والعالم يعرف جيداً، انّ اساس الارهاب ومنبعه الاول والأخير هو نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، وفقهاء البلاط الذين سخّرَهم هذا النظام لإصدار فتاوى الحقد والكراهية والتكفير عند الطلب والحاجة، فلماذا لا يفكّر احدٌ منهم بالقضاء على منبع الارهاب بدلاً من الانشغال بظواهره؟.
انّ مقياس جدّية حرب المجتمع الدولي على الارهاب يبدأ من هنا، والا فالأمرُ هزلٌ في هزلٍ، لا يعدو اكثر من مؤامرة تحوكها دوائرهم المختصّة بمثل هذه الامور لاشغالنا وتدميرنا واستنزافنا، وبالتالي للإبقاء على واقعنا متخلّفين عن ركب الحضارة، اذا بنا في القرن الواحد والعشرين يأخذ بعضنا نساءَ البعضِ الاخرِ سبايا ونُخيّر شعبنا بين الجزية او القتل ونستولي على أموال الناس وممتلكاتهم كغنائم!!!.
https://telegram.me/buratha