" كان ومازال؛ دور المرجعية الدينية الشيعية، والتي مركزها النجف الأشرف، دور الأب الراعي لجميع أطياف الشعب , وكان دورها السياسي, لا ينفك عن دورها الروحي والعقائدي". المرجعية حاضرة في كل الأوقات, التي مرت على شعبنا العراقي, وكان لمواقفها, كلمة الفصل, في المحافظة على ثوابت الشعب العراقي.
بعد التغيير عام 2003, كان للمرجعية الدور الأبرز, في توجيه عامة الشعب, وكان لها حضور في كل مستجدات الوضع الجديد.
الإنتقال من حكم دكتاتوري, إلى حكم ديموقراطي, كان أمرا جديدا على العراقيين, وخصوصا إن هذا الإنتقال, جاء على أيدي قوات أجنبية محتلة.
هذا الأمر؛ إستلزم وجود موجه حاذق, له معرفة ودراية في كل الأمور, لغرض إتخاذ القرارات المناسبة. إضطلعت المرجعية بهذا الدور دور الموجه- وكان لكلامها وموقفها, البصمة الواضحة في الحفاظ على مكتسبات الشعب العراقي. في الإنتخابات الأخيرة؛ -وبعد قطيعة لبضع سنوات, مع المسؤولين العراقيين- كان للمرجعية الدور الأبرز, والواضح, في توجيه رأي الناخب, لإنتخاب الأكفأ.
صرحت المرجعية, ومن خلال وكلاءها في كربلاء, علنا بعدم إنتخاب الفاشلين, وأشارت إشارة تلميح لا تصريح, لعدم إنتخاب أشخاص بعينهم, حينما قالت: "لا تنتخبوا الوجوه التي لم تجلب الخير للبلد", وأيضا حينما قالت "المجرب لا يجرب", و"لا تنتخبوا الفاشلين".
إنبرت هنا؛ أبواق السلطة لتحريف المراد من كلام المرجعية, وقالت: إن المرجعية لا تقصد المالكي, وإن المرجعية تقصد الكتل الأخرى, حتى وصل الأمر, إلى الإساءة للمرجعية, حينما قالوا, إن المرجعية شغلها الدين فقط, ولا تفهم في السياسية, ثم أرادوا أن ينفوا الكلام عن المرجعية, فأشاعوا بأن ما يطرح في منبر الجمعة بكربلاء, هو رأي وكلاء المرجعية, وليس رأي المرجعية نفسها.
بعد إنتهاء الإنتخابات, أصرت المرجعية على ضرورة الإسراع بإعلان النتائج, والإسراع بتشكيل الحكومة, ضمن المدد الدستورية. تم تشكيل الحكومة, وكان للمرجعية ما أرادت من تغيير, فسارعت المرجعية هنا, وأيضا على لسان وكيلها في كربلاء, لمباركة الحكومة الجديدة, داعيةً إياها, لجعل خدمة المواطن, والحفاظ على أمنه شعارها الأول. بعدها أعلنت المرجعية, بأن إستئناف إستقبال المسؤولين الحكوميين العراقيين, مرهون بمدى إستجابتهم لمتطلبات الشعب العراقي. بعد شهرين من تكليف الدكتور حيدر العبادي, ومن ثم تشكيل الحكومة, وبكابينة كاملة, أنهت المرجعية مقاطعتها, واستقبلت رئيس الوزراء الجديد.
للوهلة الأولى؛ يبدو للمتابع, إن المرجعية راضية عن الدكتور العبادي, وعن حكومته, لكن الذي يدقق في الصورة كاملة يجد أن المرجعية أعطت فرصة للحكومة الجديدة, للإلتزام بتوفير ما يحتاجه البلد والشعب الكريم. وقد وضع المؤتمر الصحفي للعبادي, بعد لقاءه السيد السيستاني, النقاط على الحروف. فالكلام كان مباشرة من سماحة السيد للحكومة ورئيسها, وهو أن تلتزم الحكومة بمكافحة الفساد, وتوفير الأمن, والتعهد بالشراكة الوطنية, وتوفير الدعم للحشد الشعبي.
هذه التوصيات, التي ذكرها العبادي في مؤتمره الصحفي, هي نفسها التي ذكرها وكلاء المرجعية في كربلاء, وهنا سقط آخر قول للمشككين بما يقال في خطب الجمعة في كربلاء, وجاءت كلمة الفصل من المرجعية نفسها, بأن موقف المرجعية هو نفسه الذي يطرح من على منبر الجمعة.
https://telegram.me/buratha