{اَللّـهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْدَ الشّاكِرينَ لَكَ عَلى مُصابِهِمْ اَلْحَمْدُ للهِ عَلى عَظيمِ رَزِيَّتي اَللّـهُمَّ ارْزُقْني شَفاعَةَ الْحُسَيْنِ يَوْمَ الْوُرُودِ وَثَبِّتْ لي قَدَمَ صِدْق عِنْدَكَ مَعَ الْحُسَيْنِ وَاَصْحابِ الْحُسَيْنِ اَلَّذينَ بَذَلُوا مُهَجَهُمْ دُونَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ}.
انّه شرفٌ ما بعده شرف ان ينتمي المرء الى الحسين (ع) والى قِيَمِهِ ومبادئه، والى شهداء كربلاء الذين سطّروا اروع الملاحم الخالدة في القيم النبيلة، فكلُّ شهيدٍ من شهداء عاشوراء نورُ هدى يهدي الى قيمة عظيمة من قيم الانسانية بأبعادها الرّبانية المتألقة، ولذلك يحق لشيعة الحسين (ع) ان يشكروا الله تعالى على ما هداهم الى الاصطفاف مع قيم عاشوراء النبيلة، على العكس ممن يتفاخروا بانتمائهم او تبنّيهم للنهج الأموي الذي مثّل يوم عاشوراء كل معاني الدناءة والخسّة والانحطاط، كما يفعل البعض، فتراه يتجاهل الذكرى بكل طريقة ممكنة، ظَنّا منه بأنّ ذلك سيقلّل من قيمتها، ناسياً او متناسياً بانّ الأحرار في العالم يمرون عليها ويحيونها رغماً عن انفه وعن أنف النهج الأموي الذي رسمه الطلقاء وأبناء الطلقاء عندما نزوا على السلطة بالضدّ من إرادة الناس، وقبل ذلك بالضّد من إرادة رسول الله (ص) الذي اخبرنا بان الله تعالى حرّم عليهم الخلافة.
وليس المقصود بالتشيّع للحسين (ع) هو الانتماء العقائدي فحسب، وإنما المقصود به الولاء له والميل الى جانب مظلوميته ضد الظالمين بغضّ النظر عن دين الانسان او مذهبه او خلفيّته الثقافية وما الى ذلك، فكم من الأدباء والشعراء والفلاسفة والمفكرين والزعماء السياسيين والكتاب والعظماء الذين انتصروا للحسين (ع) وهم على غير دينه؟ وكم من أدعياء الدين والإسلام والتشيّع واجهوا الحسين (ع) وكل ما يتعلق به من دون ان يعطوا لانتمائهم اليه بالهوية أيّة قيمة؟.
انّ شكر الله تعالى على نعمة الإحساس بعِظَم الرزيّة وخطر الجريمة الأموية على الاسلام والمسلمين، بل على البشرية وعلى كل معاني الانسانية. يستدعي الانتباه الى واقعنا في كل آن لنحذر من تكرار الجريمة، والا ما فائدة إنكار جريمة التاريخ مع تكرار جريمة الحاضر؟ ماذا ينفع ان استنكر جريمة عاشوراء عام للهجرة في كربلاء وانا أكرر الجريمة اليوم إنْ بالفعل او بالكلمة السيئة او بالاعلام التضليلي؟ ماذا ينفع ان استنكر الجريمة الأموية التاريخية وانا اتبنى جرائم أموية تمارسها عصابات الارهابيين في العراق مثلا او في سوريا او في اي بلاد من بلاد المسلمين؟.
ان استنكار جرائم الماضي اذا لم يكن دافعا لاستنكار جرائم الحاضر لا فائدة ترجى منه أبداً، ولذلك ورد في النص اعلاه الدعاء لله تعالى بثبات قدم الصدق مع الحسين (ع) وهي إشارة الى إمكانية زلل القدم عن خط الحسين (ع) ونهجه اذا كانت القدم كاذبة ومدّعية.
لقد مثّلت كربلاء مائز بين خطّين، خط الحق وخط الباطل، خط العدل وخط الظلم، واذا كان احفاد النهج الأموي اوفياء له بتكرارهم لجرائمه البشعة كما يفعلون اليوم في مختلف البلاد العربية والإسلامية، والتي كانت آخرها جريمتهم البشعة في حسينية الأحساء بالمنطقة الشرقية في الجزيرة العربية، عندما هجموا بأسلحتهم على أنصار الحسين (ع) العزّل في احدى الحسينيات، فاستشهد عدد منهم وأُصيب اخرون، فلماذا لا نكون نحن اوفياء لنهج الحسين (ع) في كل حركة وسَكَنةٍ؟ لماذا لا نجسّد نهجه عليه السلام في علاقاتنا الاجتماعية وفي العلاقة مع الاخر وفي أخلاقياتنا وفي كل شيء؟ الم نخاطب الامام بالقول؛ يا رحمة الله الواسعة؟ فلماذا تضيق صدورنا من بعضنا ولا يتحمّل بعضنا البعض الاخر؟ لماذا هذا التمزّق والانشقاق والصراعات الثانوية التي تُذهب بريحنا وتفتّت قوانا في مواجهة التحديات العظيمة التي تواجهنا؟.
لماذا يتّحد أنصار الطلقاء ويجتمعون على باطلهم، ويختلف أنصار الحسين (ع) ويتفرّقون عن حقّهم؟!
تعالوا جميعاً نصعد سفينة الحسين (ع) بعد ان ندع كل ما يفرّق صفوفنا على الساحل، لنخلق جبهة قوية قادرة على مواجهة التحديات، خاصة تحدي الاٍرهاب الأموي الأعمى الذي شوّه سمعة الدين الذي استشهد الحسين (ع) من اجل ان يحفظه لنا نقيا خالصاً.
https://telegram.me/buratha