لَمْ يجرُؤْ احدٌ منهم ان يصفَ ضحايا العمل الإرهابي الذي نفّذته دوابّهم في حسينيّة المصطفى في الأحساء، بالشهداء، لانّ التسمية هذه تدينُهم وتفضحهم، اوليس الضحايا شهداء عقيدتهم الفاسدة التي تأسّست على الدم والهدم الذي يعتمد التكفير ونشر الكراهية والغاء الاخر؟.
ان نظام القبيلة وفقهاء الحزب الوهابي اللّذان أظهرا التعاطف مع أهل الأحساء، مارسوا (التقيّة) المعجونة بالنفاق رغماً عنهم، فلو كان الامر بيدهم لبرّروا الفعل الشنيع بكل الطرق، بالمال لكسر الاقلام وقطع الالسن من الكتابة والتحدث عن الحقيقة، وبالفتوى الطائفية التي تُشرعن القتل والذبح، وبقوة السلطة التي تقمع اي تحرك ضد نظام القبيلة.
لكن هذه المرّة كان في المسرح دمٌ مظلوم أريق على يد أرذل خلق الله تعالى، الارهابيون الوهابيون التكفيريون، وفي المسرح كان المشهد الحسيني حاضراً والزمن الحسيني حاضراً، فانتصر الدم على السيف بأزهى معاني الانتصار، ولذلك لم يكن بمقدور نظام القبيلة وفقهاء التكفير الا ان ينحنيا امام العاصفة، من باب (مكرهٌ اخاك لا بطلُ) فلم يشاءا فعل الكثير وهما يَرَوْن رايات الحسين الشهيد السبط (ع) ترفرف في سماء الأحساء رغما عنهم.
ولو كانت تعازيهم صادقة لأهل الأحساء لنعتوا الضحايا بالشهادة، ما يدلّل على نفاقهم وكذبهم، وليس في هذا الموقف أيّة غرابة، فكلّنا نتذكر كيف ان كبيرهم، الأعمى المقبور بن باز، نعت الطاغية الذليل صدام حسين بالكفر واستحالة الأستتابة عندما غزا الكويت وقرر اسياده (آل سعود) استدعاء قوات (المشركين) الى بلاد الحرمين الشريفين، الا ان نفس هذا الأعمى نعته بالشهادة عندما اعدمه العراقيون وحجّته الشرعية في ذلك هو انه تشهد الشهادتين لحظة الموت!!!.
انهم يبصقون فتاواهم في الصباح ويلحسونها في الليل قبل ان يخلدوا الى النوم. لا نعتب عليهم أبداً، فهذه منهجيّتهم، توارثوها من الأمويين، الطلقاء وأبناء الطلقاء الذين حرم عليهم رسول الله (ص) الخلافة، في إطار سياسة شعرة الطاغية الطليق معاوية التي اشتهرت كمثل باسمه، إنما عتبي على من يدّعي انتماءه للحسين (ع) كيف نسمع منه خطاب الذل والهوان في مثل هذا الظرف الذي تمر به الأحساء البطلة وعموم المنطقة الشرقية، بل والمنطقة بشكل عام؟ الم يعلّمنا الحسين (ع) خطاب التحدي لحظة الموت؟ الم تعلمنا عقيلة الهاشميين زينب الكبرى عليها السلام خطاب الجرأة والشجاعة والتحدي امام الطاغية لحظة الشهادة؟ فلماذا سمعنا من بعضهم خطاب الهزيمة لحظة الشهادة؟ لماذا سمعنا من بعضهم خطاب التذلّل والخنوع والخضوع وكأنّهم هم من نفذ الجريمة؟ وكأن الجاني ضحية والضحية هي الجاني؟.
كان يجب ان نسمع من الجميع خطاب التحدي لنُحرج ونُدين به الجاني، وهو هنا ليس الارهابيون القتلة الذين نفذوا العمل الإرهابي فحسب وإنما الفكر التكفيري لفقهاء البلاط والممارسات الطائفية لنظام القبيلة الفاسد، التي حرّضت على الجريمة.
يجب ان تتحوّل هذه الدماء الطاهرة التي اريقت من نحور الشهداء ليلة عاشوراء، الى سيل جارف يكتسح كل ما هو فاسد في بلاد الحرمين من فكر وسلطة و(دين) وكل شيء. لا ينبغي ان تمرّ الجريمة بلا عقاب، فلا نُخدع بالشعارات واللافتات البرّاقة المعسولة، يجب ان يعرف العالم حقيقة دوافع ومحرّضات الإرهابيين، من فكر تكفيري وسلطة طائفية بدويّة متخلّفة.
انّ من تجنّب تقدير واحترام تضحية أسر الشهداء وأهل الأحساء من اجل الوحدة الوطنية ومن اجل ردع الفتنة وقبرها في مهدها، تافه لا يستحق اي اعتبار.
ولقد كان الشيخ المجاهد نمر باقر النمر على حق عندما حذّر من مثل هذا اليوم، فحذّر من نفاق نظام القبيلة ومن تواري فقهاء التكفير خلف شعارات برّاقة تميل اليها قلوب البسطاء والسذج والطيبين. حذار ان يذبحونكم بالقطنة، واحذروا ان تتهاونوا بالطلب بحقكم، فالقصاص القصاص، والا فالقادم اعظم. انها ليست جريمة شخصية، او حق شخصي، انها فعل ارهابي ضد المجتمع برمّته، يستهدف الأمن والسلم يخبئ الكثير من الأسرار التي يجب ان نعمل على فضحها وتعريتها.
لماذا يصرّ نظام القبيلة ومؤسّسته الدينية على تنفيذ حكم الإعدام بحق الشيخ النمر بتهمة (التحريض) والذي لم يُنتج اي ردّ فعلٍ عنيف او ارهابي أبداً؟ لماذا لم يتظاهر احدٌ منهم في الرياض مثلا او جدّة مردّداً (اخوان سنة وشيعة)؟ لماذا لا نصرّ نحن كذلك على إعدام كل من حرض وموّل ورعى وسكتَ على الفعل الإرهابي الخطير الذي شهدته حسينية المصطفى في الأحساء؟.
ان الحرص على الوحدة الوطنية يكون فعّالا اذا قابله الآخر بالمثل، اما اذا بقي من جانب واحد فهو كالحب من طرف واحد لا يغني ولا يسمن من جوع، ولكم في العراق وما يمرّ به من مصائب خير دليلٍ على ذلك.
لنحذر ان نبعث برسالة خاطئة الى الاخر اذا فهم ان شعاراتنا البائسة دليل خوفٍ او جبنٍ. انا لا اخشى عليكم من الارهابيين وإنما اخشى عليكم من القيادات الجبانة!.
https://telegram.me/buratha