لا يكفي ان يشيد نظام القبيلة الحاكم في الجزيرة العربية بالمواقف الحكيمة والعقلانية للمرجعية الدينية العليا التي استقبلت السيد رئيس الجمهورية الدكتور فؤاد معصوم وهو في طريقه الى الرياض، فالاشادات والكلام المعسول والوعود الإيجابية لا تكفي لإعادة ثقة العراقيين بمواقف نظام القبيلة المتورط بدمائهم وبتدمير بلادهم، إثْر اكثر من عقد من الزمن من الشحن الطائفي البغيض الذي ظلّ فقهاء التكفير يحشون فيه عقول دوابهم لتشجيعهم ودفعهم دفعاً للذهاب الى العراق ليفجروا انفسهم بحشود الأبرياء.
سيظل العراقيون يشكّكون بكل نوايا نظام القبيلة تجاههم اذا اكتفى بالكلام المعسول ولم يقدم على خطوات عمليّة حقيقيّة ليثبت فيها انه نادم بالفعل على ما ارتكبه من جرائم بحق العراق الجديد منذ سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام ولحد الان. ان على نظام القبيلة ان يوقف كل انواع الدعم للارهابيين في العراق وكذلك دعمه للخارجين عن القانون، وان عليه ان لا يظل ينفخ في قربته المثقوبة عندما نصّب نفسه محامياً لسنة العراق الذين يقول انهم يتعرّضون للتهميش، فكان ان تسبب بقتلهم وانتهاك اعراضهم على يد الجماعات الإرهابية التي استولت على مناطقهم وأفسدت فيها فدمرت الحرث والنسل.
اما على الصعيد الاعلامي فانّ على نظام القبيلة ان يغيّر من طريقة تعاطيه مع الملف العراقي، فلا يظل يحرض على العنف والارهاب.
كذلك عليه ان يلجم فقهاء التكفير فيمنعهم من إصدار الفتاوى التكفيرية الطائفية التي تحرض على الدم والتدمير، وكذلك يمنع من خطاب الكراهية ويمنع من استخدام المصطلحات النتنة التي تنتج كل هذه الكراهية بين أبناء المجتمع الواحد.
ان نظام القبيلة مسؤول عن كل قطرة دم طاهرة اريقت من نحور العراقيين الأبرياء منذ اول بيان تكفيري اصدره فقهاء ودعاة التكفير والذي عُرف وقتها ببيان مجموعة الـ () في العام ولحد الان.
العراقيون لن ينسوا ما حلّ بهم جراء فتاوى التكفير التي ظل يشجع عليها نظام القبيلة ويستصدرها من وعّاظ السلاطين بالمال الحرام والاعلام التضليلي الطائفي، واذا كان اليوم قد اختار التهدئة مع العراق بسبب تهديد الإرهابيين له في عقر داره بعد ان استقوى عودهم بفتاواه وأمواله وإعلامه، وكذلك بسبب الضغوط الأميركية التي بدأت تؤتي ثمارها في تغييره لبعض مواقفه، فهذا لا يعني ان العراقيين سيتجاوزون عنه اذا سمعوا منه كلمة معسولة او وعداً إيجابياً أبداً، فان بينهم وبين نظام القبيلة انهار من الدماء الطاهرة التي اريقت من نحورهم بسبب التعامل العدواني الذي ظل الخيار الوحيد لنظام القبيلة في تعامله مع العراق.
ان ما يسمّيه نظام القبيلة بنيّته في فتح صفحة جديدة مع العراق الجديد لن تكون بالوعود والكلام أبداً، وإنما بالفعل الإيجابي الحقيقي والملموس.
سينتظر العراقيون بعض الوقت ليعرفوا ما اذا كان نظام القبيلة صادقاً فيما يقول ام انه كاذب ومفتري كما هو عادته في تعامله مع العراق خلال العقد الاخير؟ فكم مرة سمعناه يتحدث عن نيّته في فتح سفارة له في بغداد كعربون صداقة مع بغداد؟ الا انه ظل يكذب ويماطل ويراوغ كما يراوغ الثعلب، لنكتشف بعد حين ان الامر لم يكن اكثر من انحناءة امام العاصفة، اما استراتيجيته فلازالت عدوانية وقحة.
ان من يخلف بوعده في ابسط الامور والقضايا، بل ربما واتفهها، مثل فتح سفارة والتي لا يتشرف بها العراقيون أبداً وهي لا تُسمنهم ولا تغنيهم من جوع، كيف يريدنا ان نصدّق نواياه (الطيبة) هذه المرة قبل ان نرى منه فعلا إيجابياً؟.
العراقيون يريدون تصفير الأزمات مع كل دول الجوار، ولكن ذلك لن يتحقق اذا ظلت إرادة عراقية فحسب، اذ ينبغي على دول الجوار كذلك ان تتبنى هذه السياسة لتُنجَز بشكل سليم، ولا تبدو كذلك اذا لم تبادر دول الجوار لإنجاز خطوات عملية وحقيقية تصب في مصلحة الطرفين، وتخدم الأمن القومي لكل دول المنطقة.
https://telegram.me/buratha