قاسم العجرش
تشهد مقرات الأحزاب السياسية هذه الأيام إنتعاشا كبيرا، فقد باتت محط ركاب كثير من ذوي الياقات المُنشأة، أولئك المتأبطين سيرهم الذاتية، بحثا عن فرصة لمنصب، أو البقاء في المنصب الذي هم فيه، أو الإرتقاء الى منصب أعلى.
معظم هؤلاء ليسوا من المرتبطين بتلك الأحزاب، بل هم في غالبيتهم لا ينتمون لأي حزب، لكنهم قبل أن يدلفوا باب حزب ما، تجدهم وقد لبسوا لبوسه، وتزيوا بزيه، ووضعوا على ياقة سترهم شارته!
قبل أيام كنت في مقر رئيسي لأحد الأحزاب بمهمة إعلامية، ووجدت من هؤلاء كثير لا أعرف أي منهم، لكن لفت نظري أن أحدهم أعرفه معرفة وثيقة، فهو بعثي بدرجة عضو، عمل لسنوات في فيلق إعلام صدام، وكان في وظيفة بسيطة في وزارة "أبو العلوج"، فقد كان يعمل في فريق رفع وتثبيت لافتات تمجيد القائد في تقاطعات الطرق.
صاحبنا؛ وإضافة الى وظيفته في الإعلام، كان يتدلى على فخذه الأيمن مسدس نوع طارق، يتبختر به وببدلته الزيتونية، متجولا في منطقة سكنه، التي كانت منطقة سكني أيضا، وكنا جميعا نخشى صولة قلمه علينا، فقد كان قلمه باشطا، إذ أنه واحد من أمهر محترفي كتابة التقارير!..
لمحني صاحبنا، فنهض من مقعده هاشا باشا، وسلم علي بحرارة، ذكرتني بحرارة هتافاته في حفل أقامته منظمة حزب البعث في المنطقة، في يوم ميلاد قائدهم صدام، الرجل يعرف أني أعرف ماضيه، ولأني خبيث بعض الشيء، داعبته وهو يصافحني، قلت له بصوت عال: ها رفيق أبو "..." إشلونك؟! إبتسم إبتسامة عريضة، ورد قائلا، نعم أنا كنت رفيق، ولكني كنت معارض لنظام صدام!
تذكرت ساعتها نكتة تتحدث عن أن معارضاً إسلاميا، إمتلك ببغاء، وكان هذا الببغاء يحسن ترديد الكلام، ومرة كان يجلس أمام التلفزيون مع ببغائه، وتمتم بمهاجمة نظام صدام وإنتقاده، حينما ظهر الأخير على الشاشة، وصادف أن طار الببغاء إلى بيت الجيران، وردد هناك إنتقادات صاحبه للنظام، فسمعه أحد ضباط الأمن الذي كان في ضيافتهم، فطلب صاحب الببغاء، فأُخذ الرجل المعارض إليه ، وسأله الضابط: أأنت صاحب هذا الببغاء؟، فما كان من صاحبنا المعارض إلا أن أجاب: نعم يا سيدي؛ لكني مختلف معه سياسياً يا حضرة الضابط..!
كلام قبل السلام: الإنتهازية ثوب لا يستطيع إرتداءه إلا الخبراء!
سلام..
https://telegram.me/buratha