المقالات

اتفاق أربيل وفتح الأبواب المغلقة *

1316 15:27:59 2014-11-23


يمثل الوجود الكردي في العراق, استكمالا وتكاملا لخارطة هذا البلد, الجغرافية, والسكانية, والسياسية, والإقتصادية؛ ومع أن العقود الأخيرة في عمر الدولة العراقية, قد حملت كثير من المشاكل والتنافر والأزمات بين الاقليم وحكوماته المتعاقبة, وبين الحكومة الإتحادية في بغداد, والتي كانت أقساها في فترة حكم الطاغية صدام, إلا أن ذلك لم يكن مدعاةً يوما لتقطيع أوصال الوحدة الوطنية في هذا البلد.

أرض كردستان أرض مليئة بالخيرات والموارد, ومن أهم هذه الموارد هي الثروة النفطية؛ وبالرغم من تعدد الملفات المختلف عليها بين الحكومة الإتحادية في بغداد, وبين حكومة الإقليم بعد سقوط نظام صدام, إلا أن أزمة ملف النفط والغاز, كانت هي الحاضر الأبرز من ضمن ملفات الأزمات بينهما.

يرى عدد من المراقبين, إن أسباب المشاكل تقع على عاتق الطرفين, فالحكومة الإتحادية, عمدت ايام رئاسة السيد المالكي, إلى عدم إخضاع المشاكل العالقة بين الطرفين الى الحل البرلماني التشريعي, وبقيت الكثير من الملفات مبهمة وغير واضحة تشريعيا, بل وتحمل فضاءاً من العمومية, يمكن تفسيرها وتأويلها كما يريد الطرفان.

مشكلة قانون النفط والغاز, ومشكلة تحديد صلاحية حق منح العقود للشركات الأجنبية المستخرجة للنفط, وإمكانية التعاقد معها, ومشكلة كميات الإنتاج, وإمكانية تطويرها من قبل الإقليم, إضافة إلى مشاكل أخرى خارج نطاق الأزمة النفطية, كإقرار المادة 140 من قانون الأقاليم والمحافظات, ومناطق غموض اخرى في الدستور العراقي, كالمادة 115 من الدستور العراقي التي تنص على ان :

" كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحية الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، والصلاحيات الاخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم تكون الأولوية فيها لقانون الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم في حالة الخلاف بينهما". كل هذه الإشكالات, ساعدت على تفاقم الأزمات بين الطرفين, مع الأخذ بالحسبان , لهجة تصعيد الخطاب, وتبادل الإتهامات, وتبادل التهديدات, والتي جعلت امكانية وجود الحلول بين الطرفين أمر شبه مستحيل.

هناك أربعة عوامل مهمة, مكنت وزير النفط السيد عادل عبد المهدي من ايجاد حل للمشاكل النفطية العالقة بين المركز والإقليم, من خلال الإتفاق الأخير المبرم بين الطرفين:

العامل الأول, هو المشكلة القانونية التي وقع اقليم كردستان فيها, وهي مشكلة حق منح العقود للشركات الأجنبية, واستخراج النفط وتصديره بدون موافقة الحكومة الإتحادية في بغداد؛ هذا الأمر قاد بعد فترة إلى قيام التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق, بتقليد الاقليم في هذا المجال, فحصلت عمليات بيع للنفط غير قانونية من قبل هذه التنظيمات, إلى نفس الدول والشركات والجهات التي لم تراعي الجانب القانوني الدولي لمنظمة اوبك؛ مما أدى إلى تحول هذا الأمر الى عرف, يمكن انتشاره, ويقود بالنتيجة الى تخريب كل قوانين التجارة النفطية في العالم, بل وكسر الأسعار, ناهيك عما فيه من خطورة, لتقوية التنظيمات اللاشرعية والإرهابية وتجار الحروب. 

العامل الثاني, هي قضية التحكم بأسعار النفط, وبما ان العراق عضوا في منظمة أوبك، فعليه فان انتاج وتسويق النفط العراقي يجب أن يتم مركزيا, من قبل الحكومة العراقية التي تتعامل معها "اوبك". لذلك ستواجه الأدارة الفيدرالية في الأقليم, مشاكل وصعوبات في السعر, كالتي تواجهها في عملية تسويق وتصدير النفط، والمناطة عادة بالحكومة الإتحادية في بغداد.

المسالة الثالثة والمهمة, هي توجه الجانب الغربي بثقله الدولي للضغط على حكومة الإقليم, من أجل الرضوخ والتنازل والقبول بالإتفاق الذي ابرمه عبد المهدي, والذي ستلحقه إتفاقات عديدة وكثيرة, ستكون كحلول مقبولة للطرفين, من أجل تصفير الأزمات.

العامل الرابع, هو التغيير الذي حصل في بنية الدولة العراقية, بعد الإنتخابات الأخيرة والتغيير الذي شمل الحكومة الجديدة, سواؤ ماكان على صعيد التشكيلات البشرية, أم على صعيد الخطاب السياسي, كلاهما قد جعلا الجانب الكردي محصور في زاوية القبول بالإتفاق, لعدم وجود ذرائع ومبررات, تسمح له بالبقاء في خانة رد الفعل المتشنج, التي تعود عليها أيام حكومة المالكي. 

إتفاق وزير النفط السيد عبد المهدي, جاء متزامنا مع تفاقم مشاكل عويصة وكبيرة لدى الطرفين: حكومة الإقليم, والحكومة الإتحادية المصابة بالعجز في ميزانيتها, حيث يمكن ومن خلاله, الإنطلاق نحو مساحاة واسعة وجديدة, لحل إحدى أهم معضلات هذا البلد, التي أرادت الحكومات السابقة جعلها مستعصية على الحل.

* ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالآديولوجيات السياسية المعاصرة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك