هذا العام، تمتدُّ خيام النازحين على جانبي طريق مسيرةُ الاربعين، النّازحون المستضعفون الذين هَجَروا بيوتهم وأملاكهم وارضهم بسبب الارهاب الأعمى الذي تمدّد خلال الأشهر القليلة الماضية. وبسبب الظّروف القاسية التي تمرُّ بالبلاد، لم تستطع الدّولة بكل مؤسساتها، وكذلك منظمات المجتمع المدني، من إنجاز الواجب الذي يقع على عاتقها ازاء هؤلاء النّازحين، خاصة كبار السّن والأطفال والنّساء.
وما زاد من التقصير والقصور هو الفساد المالي والاداري الذي تتحدث عنه الأوساط المعنّية في اللّجنة الوزارية العليا الخاصة المسؤولة عن ملف النازحين، فضلاً عن تقصير المجتمع الدولي ومختلف مؤسساته، على اعتبار انّ الأزمة ليست وطنية فحسب وإنما هي دوليّة ليس بإمكان دولة او دولتين حلّها لوحدها وبإمكانياتها الذّاتية بالشكل المطلوب والمفروض.
لتكن مسيرة الاربعين فرصة تاريخية نوظّفها:
أولاً؛ لتكريس الوحدة والانسجام في اللحمة الوطنية بين مختلف اطياف المجتمع العراقي، خاصّة وانّ النازحين هم من شرائح اجتماعية شتى، ومن مناطق جغرافية شتى.
لتكن المناسبة رداً واسعاً على كل محاولات الارهاب الرّامية الى تمزيق المجتمع العراقي وتقطيع أوصاله طرائق قدداً.
ثانياً؛ لتكريس قيم ومبادئ كربلاء وعاشوراء في العدل والإيثار والتضحية من اجل الآخرين، خاصة الطبقة الضّعيفة في المجتمع والتي تمثلها اليوم ملايين النازحين المغلوبين على امرهم. لنعمل من اجل إشعار النازحين بالهدف الاسمى للمسيرة المليونية واقصد به (الانسان) الذي كرّمه الله تعالى، فليشعر النازحون بأنّ المسيرة هي الحضن الدافيء لهم والقلب الذي يسعهم والصدر الذي يظمهم.
لقد تصوّر الارهابيون ان النازحين سيلاقوا مصيرهم لوحدهم، وما دروا انهم سيلاقون كل الرعاية والحب والحنان والاحتضان من اهليهم في كل منطقة نزحوا اليها، ليقاسمونهم لقمة العيش حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا، بلا تمييز بين نازح وآخر، فكلهم {إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وَإمّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ} على حد وصف امير المؤمنين (ع) يحتضنهم العراق بلا تمييز او تفرقة.
فكيف نحقق هذين المعنيين؟.
الف؛ لنخصّص نسبة من الأموال المبذولة في المسيرة الحسينية لدعم صندوق خاص يتأسس خصيصاً لدعم النازحين، يكون المشرف عليه مباشرة لجنة تتشكل من عدد من رؤساء المواكب الحسينية من عدد من المحافظات، ويتم الاعلان عنه بشكل رسمي وإبلاغ النازحين به، ليشعروا بدفء المسيرة التي تحتضنهم بهذا الصندوق، على ان يتأسس بهذه المناسبة ويستمر بعمله وجهده ونشاطه الى حين عودة آخر نازح الى دياره.
هنا، اهيب بالعراقيين في بلاد المهجر، وأهل الخير، خاصة المتمكّنين الذين انعم الله عليهم بخيره، اهيبُ بهم لدعم هذا الصندوق بكل ما اوتوا لينهض بمسؤوليته التاريخية على اكمل وجه وباسم الحسين (ع). واقترح ان يسمّى هذا الصندوق مثلا (صندوق الاربعين لإغاثة النازحين).
باء؛ تخصيص نسبة من الطّعام المبذول في المسيرة لإطعام النازحين، سواء الجاهز منه او موادّه الأولية.
اقترح ان يخصّص كل موكب بعضاً من وقته لزيارة مخيم من مخيمات النازحين وتقديم (زاد ابو علي) لهم بعد تفقدهم والسؤال عن احوالهم، وما اروع ان يتقدم الوفد الزائر عالم الموكب وموجّههُ الديني.
جيم؛ ان تقرّر كل الهيئات والمواكب اهداء خيامها وأدواتها بالكامل الى النازحين، بعد الانتهاء من المراسيم.
وكم هم رائعٌ ان يحتفظ كل نازح بقطعة من هذه الأدوات، المنزلية منها والفرش وغير ذلك، عند عودته الى ارضه ودياره لتبقى عنده ذكرى اربعين الحسين السبط الشهيد عليه السلام، يتذكّرها كصورة جميلة وهدية رائعة ويقارنها بما فعله به وبعائلته الارهابيون المجرمون التكفيريون.
دال؛ اهداء من ينوي توزيع الهدايا على الأطفال في هذه المسيرة المليونية، اهداءها الى أطفال النازحين بعنوان هدية أطفال مسيرة الاربعين لهم.
ان من الرائع جداً ان يهدي كل طفل يشارك في المسيرة لُعبهُ مع طفل نازح جار عليه الزمن والارهابيين فمنعوه من اللهو بالعابهِ في غرفة المنزل او في حديقة الدار.
هاء؛ تخصيص نسبة من المال المبذول في المسيرة لتوفير الحجاب الاسلامي لنساء النازحين ممن ليس لهم القدرة المالية حالياً على شرائه.
وكذلك، لتوفير الملابس الضرورية اللازمة للعوائل المتعففة التي نزحت وتركت كل شيء وراءها.
هاء؛ ليحاول كلّ مشاركٍ في المسيرة ان يصطحب نازح معه، امرأة كانت او رجلاً، طفلاً او شاباً، ويسير معه ولو خطوات، فقد يرى بعضهم هذه المسيرة لأول مرة في حياته، او انه سمع بها ورآها ولكنه لم يشترك بها فيما مضى من حياته، فليكن نزوحه هذا العام عن بلدته فرصة للاشتراك بمسيرة الاربعين.
كذلك، ليبذل كلّ واحد من المشاركين بعضاً من وقته ليشرح فلسفة المسيرة لنازح من النازحين، فيقدّم له شرحاً شفهياً او كتاباً او شريطاً او ما أشبه، لنساهم جميعا في خلق ثقافة الاربعين عند اكبر عدد ممكن من الناس.
https://telegram.me/buratha