اتخذت الولايات المتحدة من تنظيم "داعش" ذريعة لتشكيل تحالفاً دولياً بعد تمدده الخطير من سوريا باتجاه العراق في وقت قصير وملفت ، وبدا ممارسة مهامه كتنظيم على المدن التي سقطت بيده من قبيل إدارة هذه المدن ، وارسال ممثلين له الى العديد من الدول والحركات الإرهابية لأخذ البيعة له .
التمدد الخطير لتنظيم "داعش" بدأ بعد دخوله الموصل ، والسيطرة على المدينة خلال ساعات قليلة ووضع اليد على معسكرات الجيش العراقي واموال المصارف الحكومية ، والدوائر الرسمية ،وآبار النفط في الموصل وغربها وشمال كركرك وبيع النفط عبر ممرات سوريا وتركيا وجني ملايين الدولارات من بيع النفط .
التنظيم بعد هذه الخطوات اصبح تنظيماً قوياً ذات شبكة اتصالات عملاقة مرتبطة من الشمال الى الغرب وصولا الى مدن الوسط خصوصا بغداد ، وهذا التمدد أعطاه هامشاً كبيراً للتحرك العسكري في المدن العراقية ، خصوصا مع الدعم العسكري المقدم له من اعتدة وأسلحة متنوعة تلقى اليه في المناطق التي تسقط بيده عبر طائرات التحالف الدولي في ديالى وبلد والموصل وتلعفر .
هنا يثار التساؤل كيف حصل هذا التمدد السريع لداعش في هذه الاراضي حتى وصل التهديد مدينة بغداد بل اكثر من ذلك كانت كربلاء والنجف هي الاخرى مهدد بالسقوط بيد "داعش " في وقت قصير جداً في ظل التخاذل والتراجع الكبير في قطعات الجيش ، لولا فتوى المرجعية الدينية في "الجهاد الكفائي " وتشكيل قوات الحشد الشعبي والتي استطاعت من إيقاف هذا التمدد وطرد الارهابين من محيط مدينة كربلاء وبعض المدن الاخرى شمال بغداد .
أميركا من جانبها استغلت هذا التمدد الداعشي والذي اصبح تهديده غير مقتصر على العراق فحسب بل امتد الى كردستان ذات الأهمية الإستراتيجية لاميركا وإسرائيل ، والى الكويت والأردن والسعودية ، فأعلنت النفير العام لجميع حلفاءها والدعوة الى تشكيل التحالف الدولي لمحاربة داعش ، واجتمع اكثر من دولة في باريس في اجتماع سريع بحضور العراق .
اذا كانت أمريكا هي من صنعت "داعش" لماذا هذا التدافع الكبير لها ولحلفائها على محاربة "داعش" وتقويض نفوذه في المنطقة او القضاء عليه ؟!!
كانت الأهداف المعلنة لمؤتمر باريس هو منع تدفق المقاتلين الأجانب الى سوريا والعراق ، وإيقاف تدفق الأموال الأوربية والخليجية الى التنظيم والوقوف بوجه الأفكار السوداوية والظلامية لهذه التنظيمات والتي اضرت كثيراً بواقع المجتمعات سواء ً في العراق او الشام .
ان تزعم أميركا لهذا التحالف أباح لها ان تفعل ما تريد وتنتهك سيادة اي دولة تريد ، وهذا ما قامت به بالفعل من خلال الغارات الجوية والتي تقوم بها يومياً في العراق وسوريا ودوّل اخرى بحجة محاربة ومكافحة الارهاب لتؤسس لبناء جديد ، وتسعى الى بناء قواعد لها في المنطقة ، وهدا ما تحقق فعلا في قاعدة عين الأسد في الانبار واربيل ،وكل ذلك تحت نفس اليافطات "محاربة الارهاب المصنوع "
كما ان الشعور الامريكي بالعجز في حماية أمنه وأمن حليفته اسرائيل ومصالحه في المنطقة جعلها تتبنى استراتيجية جديدة للمنطقة من خلال خارطة جديدة سميت "الشرق الأوسط الجديد" ، وذلك من خلال تنظيم عمل هذه الجماعات الا هابية وضبط حركتها وتحركاتهاوبقاءها تحت السيطرة .
الجميع ادرك خطورة الارهاب ، خصوصا العراق والذي اتخذ خطوات جريئة عبر رجال الحشد الشعبي الذين استطاعوا من تغيير المعادلة على الارض ، ودخول دول محور الممانعة في الصراع اكسب هذا الصراع نجاح في التغلب على "داعش المصطنع" ، لهذا على الجميع ان يعلم ان هناك خطراً اكبر يهدد الوجود العربي الاسلامي هو النفوذ الامريكي لانه من صنع "داعش " وغيره من التنظيمات الإرهابية من اجل ضمان بقاءها في المنطقة وحماية مصالحها فيها .
https://telegram.me/buratha