زيد شحاثة
ينجح أي عمل أو فكرة إن تكامل تنفيذها, بعض الأعمال تحتمل الإنجاز الجزئي, ويتحقق من هذا بعض المردود, بعضها الأخر يستوجب الإكمال, وإلا لن تتحقق أي فائدة مرجوة, وربما ترتد ليكون العمل وبالا على القائمين به.
في علم الأمراض, تستند فكرة العلاج, بعمل الدواء على إضعاف المرض أو مسبباته, من فيروسات وبكتريا, ليتاح لمناعة الجسم, ومنظوماته الدفاعية, أن تستعيد زمام المبادرة, فتقضي على المرض.
بعض الأمراض تحتاج لتداخل جراحي, لإزالة الجزء المصاب, نتيجة لتلفه وتحوله لبؤرة يتنشر منها المرض مرة أخرى, كما يحصل في حالة مرض السرطان مثلا, أعاذنا الباري من شروره.. هذا المرض الخبيث, يستلزم علاجه, إزالة أي جزء يصاب به, ولو كان خلية صغيرة, وإلا كان التداخل الجراحي فاشلا, وأصبح الجزء المتبقي بؤرة جديدة لنشر المرض, وعاد الحال أسوء من الأول.
بعد التغيير الكبير عام 2003, كان التصور السائد, أن الدولة العراقية, سيعاد بنائها وتشكيلها, بصورة ونماذج وأفكار, تكاد تكون مثالية, وبمواصفات لا تصلح إلا كأمنيات, إلا أن ما حصل خلال الحكومات السابقة, كان محاصصة طائفية أو مناطقية أو حزبية.
حاولت بعض الأحزاب الحاكمة, أن تمارس اللعبة بذكاء, فتستغفل شركائها وجمهورها.. فرغم أنه صار من المقبول, أن تكون المناصب السيادية والوزارية, وبعض المناصب المهمة, موزعة طائفيا وحزبيا!.. لكن ما لم ينتبه له الشركاء والمواطن العادي, أن هناك مناصب وسطية ومفصلية في أن واحد, كوكلاء الوزارات, والمدراء العامون, ومناصب الهيئات المستقلة, وهم من يتحكم حقيقة بعمل الوزارات, ويديرون الحياة العامة للدولة وشؤونها.
هذه الطبقة من الدرجات الخاصة, يبلغ تعدادها المئات.. نعم المئات, بمميزات خاصة, وسلطات واسعة, جيرها كثير منهم, لصالح أحزابهم, ومن يراجع قليلا سير الانتخابات الأخيرة, والإستغلال بشع للمال العام, سيُصدم من حجم الفساد والإنحراف الذي وصله الواقع العراقي, وأخطر ما في هذا الحال.. أنه يؤسس ويشرعن لقادم أسوء.
يعتقد كثير من المراقبين للشأن العراقي, أن تشكيل الحكومة الحالية, بتوجهاتها المختلفة عن سابقاتها, كإنفتاحها على العالم, وعدم ظهور نزعة إنفرادية فيها لحد الأن, يعد خطوة كبيرة بإتجاه التغيير الإصلاحي.. لكن هذا التغيير, دون فعل شيء , حول تلك المناصب المفصلية, التي زرعت بأشخاص, ميزتهم الوحيدة, أنهم مقربون أو اتباع, لرموز حاكمة أو متنفذة, سيجعل العملية, فارغة من محتواها, لأنها ستكبل الدولة, و لن تتيح لها النجاح في تحقيق شيء على الأرض,
المراجعة والتقويم عملية يجب أن تستمر, دون توقف أو تلكؤ, لكن حلولا ترقيعيه, أو غضا للنظر عن مسؤولين فاسدين إرضاء لحزب ما, أو جبرا لخاطر مسؤول فاشل, لن يشفي دولتنا, من مشاكلها المتعددة, التي كادت أن تفتك بها.
بقاء أي بؤرة ولو كانت صغيرة, من سرطان الفساد والفاسدين أو أذنابهم, في الجسد العراقي, سيتيح لهذا السرطان أن ينتشر مرة أخرى عاجلا أو أجلا.. وعندها لن ينفع معه علاج.. وسيكون قاتلا.
31/5/150101
https://telegram.me/buratha