المقالات

الفكرَةُ؛ بينَ التّراكُمِ والتّفْريط

1403 00:43:32 2015-01-19

ليس للكلمةِ عندنا من معنىً ولا الفعل الحسن ولا ايّ شيء آخر، والدليل على ذلك انها لم تنتقل بِنَا نحو الاحسن والأفضل وعلى اي صعيد كان، لماذا؟.
لانّ الكلمةَ لم تتراكم عندنا لتتحول الى فكرة ثم الى مشروع ثم الى إنجاز ثم الى إصلاح وتغيير وتطوير نحو الاحسن والأفضل، بل العكس هو الصحيح فنحن نفرّط بالكلمة فنضيع الفكرة ونئدها قبل ان تتحول الى مشروع يؤثّر في الواقع المرير لينتقل به الى مرحلة افضل وأحسن.
انشغلتُ خلال الايام القليلة الماضية بقراءة احوال الحوزة العلمية (الشيعيّة) منذ التاسيس الاول، ومرورها بمدن مثل بغداد والحلة وكربلاء المقدسة لتستقر في النجف الأشرف في مسيرة دامت اكثر من عشرة قرون، فمررتُ على احوال علماء وفقهاء ومراجع عظماء بكل معنى الكلمة، وكيف ان كلّ واحدٍ منهم نجح في تطوير المناهج العلمية والبحثية في الحوزة العلمية بما لا يرقى اليه جهد المفكّرين المتنوّرين الأوربيين الذين غيّروا وجه أوربا ربما قيد أنملة، ولستُ مبالغٌ في ذلك.
انهم بذلوا جهداً عظيماً في عملية تطوير المناهج وعلى مختلف الاصعدة، وبما يغيّر طريقة التفكير، وهو المقصد الأهم في المنهج، اي منهج.
توقّفت قليلاً وتساءلت مع نفسي، فلماذا اذن لم ينجح علماءنا بتغيير واقعنا مع كل هذا التطوير العظيم في مناهج البحث العلمي، وعلى مدى الف عام، فيما نجح أقرانهم في أوربا وبشكل ملفت للنظر حتى حوّلوا الغرب الى أنموذج يؤثّر على كل العالم بل يقود العالم؟.
في عام وقف مارتن لوثر كنغ خطيباً في جموع السود المهمّشين في الولايات المتحدة الأميركية ليقول لهم (عندي حلم) ما هو؟ ان نلغي التمييز العنصري!.
دوّت كلماته البسيطة في كل مكان من البلاد لتتحول الى مشروع انساني يقضي على التمييز ويقبره، ليتحوّل حلمه الى حقيقة تغيّر الواقع نحو الاحسن والأفضل.
قبلها، وتحديداً في العام رفضت المواطنة السوداء روزا باركس ترك مقعدها في حافلة النقل العام، الجماعي، لصالح رجل ابيض، قائلة (لا) للتمييز العنصري، لتتحول الى اعظم (لا) في تاريخ الولايات المتحدة بل العالم المعاصر.
كلمة وجملة تغيّران وجه الولايات المتحدة.
اما عندنا!!!.
نمتلك الحسين (ع) الذي قال أعظم (لا) في تاريخ البشرية، عندما خاطب النظام السياسي الشمولي بقوله {لا اعطيكم بيدي إعطاء الذليل} ثم يحكمنا طاغية ذليل ارعن قاتل مجرم مثل صدام حسين مدة اكثر من ثلاثة عقود سوداء.
نمتلك علي بن ابي طالب (ع) الذي شبّه الدنيا اعظم تشبيه عندما قال {وَلاََلفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْز} اذا بِنَا نتقاتل عليها بكل أدوات الاقتتال المشروعة وغير المشروعة.
نتغنّى بالشهيد السيد محمد باقر الصدر وما أنتج من فكر ومشاريع ومناهج، وعندما يصل حزبه، وجماعته بشكل عام، الى السلطة يقدّمون لنا اسوأ نموذج في الحكم وعلى مختلف الاصعدة.
لماذا؟.
لماذا لا تتحوّل عندنا الكلمة الى فكرة الى مشروع الى إنجاز يغيّر ويبدّل؟.
اين نتاجات علماءنا الذين بذلوا جهودهم المعرفية العظيمة من اجل تطوير المناهج وتغيير طريقة التفكير؟ لماذا لم نلمسها مشاريع تغيير؟ لماذا نحبسها في بُطُون الكتب وفي اروقة المدارس والحوزات الدينية؟ لماذا لا تتحول الى مشاريع للتغيير؟.
اذا عدنا لقراءة بيانات المرجعية الدينية إبان الاحتلال البريطاني للعراق وفترة ما قبل ثورة العشرين الوطنية التحررية التي شهدها العراق عام فستجدها أنضج من خطابات الاحزاب (الدينية) الحالية التي تحكم اليوم في بغداد عشرات المرات؟.
برايي، فان السبب يعود الى ما يلي؛
اولاً؛ ان كل جيل يحاول ان يجرّب الحياة بنفسه من دون ان يتعلّم ممن سبقه، ولذلك لا تتراكم عندنا الأفكار والخبرات والتجارب بأيّ شكلٍ من الأشكال، ومن المعلوم فان المشروع فكرة متراكمة وخبرة متراكمة.
ثانياً؛ نقرأ ولكن لغيرنا، ونتحدّث ولكن لغيرنا، ونعِظ ولكن غيرنا، ونذكّر ولكن غيرنا. وننبّه ولكن غيرنا، اما انا (النوعي) فلن اقرأ لنفسي ولن اتحدث لنفسي ولن اعظ نفسي ولن اذكّر نفسي ولن انبّه نفسي.
ثالثاً؛ لقد غابت المنهجيّة فحكمتنا الفوضى، فتحوّلت الكلمة الى حروف متناثرة والفكرة الى جمل مبعثرة والمشروع الى اشلاء مقطعة، ثم نريدها تُنتج شيئاً!.
فمن أين يبدأ الحلّ اذن؟!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك