المقالات

بواكي البعث والضحية

1582 01:22:51 2015-02-25

سرق منا النظام السابق، أجمل أيام حياتنا، بين سجن مظلم، كقعر جب عمق يملئه الخوف والهلع ، أو كمخاض يقتلع النفس من عروقها.
جسد تحمله الاقدام، نحو منصة يعلوها حبل عانق رقاب، أحرار الرجال، قتلوا في أنفسهم عبودية السلطة، قبل أن تقتلهم.
ذات يوم؛ في زمن القهر الصدامي ذهبت أنا وصديقي محمد، الى زيارة العتبات المقدسة في كربلاء، كانت المراقد تعج بالزوار، من مختلف ارض العراق أجواء عرفانية جميلة. يملؤها الذوبان في حب آل بيت النبوة والرسالة، كان شعورنا لا يوصف، عند دخولنا مرقد أبا الفضل، قمر بني هاشم، يهزنا شعور الإباء، وعنفوان الأخوة، والغيرة العباسية.

أما عند دخولنا مرقد، الإمام الحسين "عليه السلام" يملئ قلوبنا حرارة، قتل الحسين، لا تنطفئ نارها أبدا كأنها، متوقدة منذ آلاف السنين حزنا على قتله، من قبل الحكومة الأموية، يتخلل ذلك الحزن، شعور بالطمأنينة النفس. عدنا من الزيارة، وفي الطريق على مشارف بغداد، وإذا بسيطرة لم تكن رئيسية، على الطريق فيها عدد من الرجال، يرتدون الزي العسكري "الزيتوني" وبعضهم مدني كانت تلك الهيئة، يعرف بها رجال الحزب.
كانوا ينزلون الشباب ويتركون غيرهم، لأنهم كانوا في الزيارة، هذه هي الجناية، أنزلونا من السيارة أنا ومحمد، عصبوا عيوننا وقيدوا أيدينا، اقتادونا الى مكان لم نعرف أين، تبين فيما بعد انه الفرقة الحزبية، في جو من التخويف والترهيب.

بعدما حققوا معنا أرسلونا الى بغداد، في حال من القسوة والخوف والتعذيب، الذي لا يتحمله إنسان، فرقونا لم أره بعدها، بعد شهور من السجن، تم محاكمتي وحكم عليّ، بالسجن خمسة عشر سنة، كنت كثير السؤال، عن محمد ولم اعثر له على خبر من السجناء.
بعد أكثر من ثلاث سنوات في السجن، قال لي السجانون إن لك مواجهة غدا، فلم اصدق متى يحل الصباح، لم انم حتى كانت المواجهة، جاءني أهلي كانت عيوني تبحث عنهم في الناس. ما أن سقطت أنظاري عليهم، لم أتمالك نفسي من الفرح، إذ رأيتهم أغرقت عيوني الدموع، تداولت الحديث معهم، عما جرى لي في غياهب السجن. سألتهم عن محمد هل من خبر عنه؟ هل خرج من السجن؟ قالوا لم يبلغ أهله عنه شيء، أكملت عشر سنوات من السجن، وخرجت من السجن بعفو، قبل سقوط نظام صدام .

شاءت الأقدار أن يسقط ذلك النظام الدكتاتوري، خرج كل من كان مسجون، لم يخرج محمد، بحثنا عنه مع أهله في سجلات المسجونين لم نجد له اثر، بحثنا في سجلات المعدومين، وإذا بنا نجد أن محمد قد أُعدم، بعد أعتُقلنا بسنتين، ولم نستطع العثور له على جثة، ذهب محمد شهيدا، لحق بركب الحسن لقد بلغ الفتح، هنيئا له الشهادة. بعد كل تلك السنين، نستغرب أن هناك من يبكي على البعث، وما أكثرهم، هل يوجد ظلم أكثر؟ من أن يُقتل المرء مرتين، مرة حين يعدم وأخرى حين لا يجد من يبكي عليه.
بل يبكون على الجلاد يا ترى هل يستوي الجلاد والضحية؟.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك