المقالات

عندما يكون المصلح متهما..!/ عباس الكتبي

1951 2015-03-26

عباس الكتبي

لا يصيبنا العجب، ولا تآخذنا الدهشة، حين نرى المصلحين متهمين من قبل مجتماعتهم، فهي سنة من السنن الألهية، التي جرت أن يبتليهم( المصلحين) خالقهم بصنفين من الناس، هما: المترفين، والمفسدين.

فلو أستنطقت القرآن، أخبرك في آية يدق فيها جرس الأنذار( قل سيروا في الأرض...)،ولو أستطلعت التاريخ وأستقرئت أحداثه، أعطاك نتائجه.

المصلحين وفي مقدمتهم الأنبياء والأوصياء، ثم الأمثل فألأمثل، تعرضوا لكثير من صنوف الأتهام، لاسيما منها تسقيط الشخصية، وما نسميه اليوم بالتسقيط الأعلامي، أذا صح التعبير.

فنوح أتهم بالجنون! وأبراهيم بالإفساد! وموسى بالسحر! ونبينا( عليه وعليهم وعلى آله أفضل الصلاة والسلام) نال حصته من جميع الأتهامات!

بعد أن كان في قومه سنين طويلة، الصادق الأمين! يصير في ليلة وضحاها عندهم، كذّاب، وساحر، ومجنون؟!

هذه الظاهرة الأزدواجية موجودة في كل مجتمع، وبالذات عند النفعيين، والأنتهازيين، والمنافقين.

فالمسلمون الأوائل الذين عاصروا النبي، والذين شاهدوا معجزاته ورأو أخلاقه، التي دخل أكثر المسلمون الاسلام بسببها، والذي وصفه القرآن بها( وأنّك لعلى خُلق عظيم)،والذي قال عنه( وما ينطق عن الهوى…)، لكن يتهمه من يدعي الصحبة والأسلام عند موته بالهجر؟! ويتسارعون الى السقيفة جاحدين وصيته.

ثم أخذ وصيه، علي بن أبي طالب وأبنيه الحسن والحسين( عليهم السلام)، حصتهم من تلك الأتهامات، فبعد أن سمعوا أحاديث النبي( ص)ووعوها( علي أقضاكم)، (علي أعدلكم)،(علي أفقهكم)، وبعد ان ابعدوه عن حقه، يبايعونه على السمع والطاعة وبأختيارهم، بما فيهم طلحة والزبير، لكن نرى هذين الأثنين، قاموا بجلب الجمل وصاحبته، متهمين علي بقتل عثمان؟!

كما نرى ذلك مع ولده الامام الحسن( ع)، كيف بعد أن بايعوه، طعنوه بخنجر قائلين له يا مذل المؤمنين؟!

وهكذا أخيه الأمام الحسين( ع)،فبعد أرسال الكتب منهم له، أقبل على جند مجنّدة، قالوا عنه خارجي، ثم قتلوه هو وأهله وأصحابه؟!

هذه الظاهرة منتشرة بكثرة في التاريخ، حتى المعاصر، وما نشاهده في واقعنا غير مستغرب.

فما نراه من بعض دعاة الأسلام، المؤمنين بالقرآن، يتهم المرجع الشيخ( بشير النجفي)، بقوميته الباكستانية! ويتهم المرجعية بقوميتها الفارسية! وهو يقرأ قوله تعالى( وجعلناكم شعوب وقبائل…)؟!

أو نرى تلك المرأة، التي كانت بوقاً من أبواق سيدها، تظهر على القنوات الأعلامية وتتحدث، متهمة المرجعية بعدم المعرفة بالسياسة، وعليها ان تتجنبها! ونست أنها هي وكبيرها جآءت بأسم المرجعية؟!

وما هذه الهجمة الأعلامية الشرسة، والأتهامات الباطلة، ضد حكومة العبادي، والحشد الشعبي، والسيد عمار الحكيم، إلاّ أستكمال لمسيرة المترفين والمفسدين، ضد المصلحين، الذين يريدون أن يصلحوا ما أفسدته الحكومة السابقة.

هذه الهجمة الأعلامية، وراها جهات معروفة، لا تخفى على اللبيب! فقد برزت وظهرت بقوة، عندما أُزيح المتشبثين بالسلطة والمنصب( بقوة الديمقراطية).

لكن هل يؤثر النفعيين، والانتهازيين، والمنافقين على مسيرة المصلحين؟:كلا!

صحيح أن المصلحين، يعانون وطريقهم وعر، وأمامهم عقبات صعبة وعصية، لكن لم ييأسوا ولم يتراجعوا، متسلحين- بسلاح الصبر وألايمان، وفي نهاية المطاف النصر حليفهم.

وما أجمل ما قاله الشاعر الشعبي المبدع( ناظم الحاشي:( دووس الورد وانت تشوف.. عطر الورد ما ينداس)، فهم( المصلحين)، رغم الأتهامات والضغوط التي عليهم، تراهم لا يخرج منهم الاّ الطيب من الأخلاق، فأذا ملكوا كان العفو سجيتهم! وأذا أُسيء أليهم ردوا بألاحسان!

( وأمّا الزّبد فيذهب جفاء.. وأمّا ما ينفع الناس فيمكث…).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك