في أواخر السبعينات من القرن الماضي كان يقام مجلس عزاء ليلا في دار الحكمة - وهي مدرسة دينية انشأها الامام السيد محسن الحكيم (قدس سره) – ويكون من الحضور علماء كبار وفي مقدمتهم آية الله المقدس السيد يوسف الحكيم ويجلس لجانبه آية الله المقدس السيد محمد علي الحكيم وجملة من العلماء الكبار واولاد الامام الحكيم يقفون باستقبال المشاركين، وكان محرم الحرام في تلك الأيام يصادف شتاءا بحيث كانت تستخدم المدافيء الكهربائية آنذاك، وكان الخطيب حينها المرحوم المغفور له صاحب الدمعة خادم الحسين عليه السلام الشيخ صالح الدجيلي.
وفي ليلة العاشر من محرم الحرام تأخر المرحوم الشيخ صالح الدجيلي عن موعد مجلس العزاء حتى دب القلق لكثرة ما تأخر، وكانت الأضواء تطفيء في ليلة العاشر ويبقى الضوء من المدافيء الكهربائية فقط، ومع الانتظار والقلق وتساؤل الحضور عن الوقت دخل المرحوم الشيخ صالح إلى دار الحكمة واستقبله احد أبناء الامام الحكيم: شيخنا وين صرت ليش هل التأخير؟
والشيخ استمر بالمسير دون كلام محدودب ينظر للأرض ويخط بين جموع الحضور في تلك الظلمة، ولكنه رحمه الله لم يتوجه للمنبر بل توجه إلى آية الله المقدس السيد يوسف الحكيم وجلس امامه طاويا ركبتيه وصرخ بصوته الشجي في ذلك الظلام وترقب الجميع ما الذي يقوم به الشيخ: سيد يوسف.. سيد يوسف.. لابس عمامتك وعمتك هتكوها ... حينما سمعه السيد يوسف رمى بعمامته وما ان فعل لم تبقى عمامه على رأس احد.. والله اقسم شعرت حينها وكان دار الحكمه ارتجت من البكاء والانين وبدأ ينعى الشيخ صالح رحمه الله مولاتنا زينب عليها السلام وللصراخ والعويل دوي، لو كانت صخرة حاضرة لتفطرت من شدة البكاء..
رحمهم الله اخلصوا النيه وصدقوا العهد مع الله ورسوله وآله الاطهار الميامين وياليتنا نتعلم منهم الدروس وبارك الله في ذراريهم.