المقالات

بغداد؛ هل غَرَقَت أم أُغْرِقَت؟! قاسم العجرش

2140 2015-11-06

قاسم العجرش

    توفر الكوارث والنكبات التي تمر بها الشعوب والأمم، فرصا نادرة لإصلاح البناءات المخطوءة في واقعها، وتصحيح مسارات شؤونها المختلفة، وإعادة ترتيب أوضاعها، بشكل يؤمن غدا صالحا للعيش الكريم.

   تبرز قضية إنزلاق المسؤول، نحو تبرير الفشل أو رمي المسؤولية على الآخرين، كأمر يعطل الإصلاح ويشتت الجهد،  وفي هذا الصدد، فإن الحكومة التي لا تمتلك شجاعة الاعتراف بأخطائها، هي اقرب للفشل منه الى النجاح.

   إن الاعتراف بالخطأ عند حدوثه، ييسر مهمة إصلاحه، ويقود الى اتخاذ ما يلزم لتجاوزه، أو محاسبة مرتكبيه، وإذا جاء الاعتراف بعد استفحاله وتموضعه، وتحوله الى واقع معاش، فإن المعالجة تصبح صعبة جدا، وستكون شبه مستحيلة؛ اذا كان الاعتراف بالخطأ، بعد مغادرة المسؤول لموقع المسؤولية وتركها لغيره، وعند ذلك يتحول الاعتراف بالخطأ؛ الى فلسفة تبريرية.

   لا معنى عملي للاعتراف بالخطأ اذا جاء متأخرا،  أو بعد مضاءه  وإسحكامه، وسيتحول الى ضرر على مسيرة بناء دولة المؤسسات، التي يراد لها ان تقود حركة المجتمع..مكمن الضرر في إضاعة الوقت، الذي كان يمكن استغلاله لتدارك الأخطاء، والوثوب الى موقع العمل الصحيح.

   يكشف إعلان الأخطاء بعد مغادرة المسؤول، لموقع السلطة او المسؤولية، عن جملة من الافتراضات، اغلبها تنتج أخطاءا أخرى، وتفاقم الموجود منها الى حد الاستفحال، ومنها إشاعة روح الانتقام، بدلا من روحية الإصلاح، وإذا كانت المحاسبة؛ تقتضي عدم التهاون إزاء المخطئين؛ لحفظ الحقوق العامة، لكن عدم التهاون؛ ينبغي ان يكون هدفه الإصلاح والتصحيح.

   قبالة شيوع روج الإنتقام، فإن شيوع روحية المحاباة، والترضية السياسية لهذا الطرف او ذاك، توفر بيئة ساكتة عن أخطاء المسؤولين، والتغطية على فسادهم المالي والإداري، وذلك هو الفساد السياسي بعينه، الذي يفضي الى تراكم الأخطاء الإدارية وعدم معالجتها، ما يضيع على البلاد، فرصا نادرة هي أحوج ما تكون إليها، بمقارعتها للوقت لطي مراحله، التي سببها الإهمال للتراكم والمتعمد لتطويره وبناءه.

    إن كارثة غرق العاصمة بغداد، ومدنا أخرى في وسط وجنوب العراق، يجب أن تكون منطلقا لإعادة البناء على الصحيح، الموجود في تجربتنا وتطويره، وتنحية الأخطاء وتجاوزها، والشروع بنهضة تصحيحية، وبإعادة بناء ما جرى تخريبه، إن كان على صعيد البنى التحتية، أو القوى البشرية التي أستفحلت بها أمراض الفساد، وإصلاح ما يمكن إصلاحه من الإدارات المسؤولة، والتخلص من تلك التي فقدنا الأمل بإصلاحها، عبر بوابات الطرد والتنحية، والعزل والمحاسبة، بل والسجن وفقا للقوانين النافذة!

   إن السكوت عن أخطاء المسؤولين الجسيمة وتبريرها، يعد أكثر خطرا من الإرهاب، لأنه يوفر الأرضية الخصبة لإشاعة الفساد المالي والإداري، كما يعد ترك المخطئين يعمهون بأخطائهم، ومن كافة مواقع المسؤولية، وعلى الأخص المفاصل العليا منها، دون مراجعة او محاسبة، يتبرقعون ببراقع الوطنية، متمترسين بمتاريس صلاحياتهم الإدارية والوزارية، مخفين جرائمهم بحق الشعب، والمتمثلة بإضاعة فرص التقدم والتلاعب بالمال العام، يعد بحق اما اشتراكا معهم وفقا لتبادل المنافع، او التستر المتبادل على الأخطاء..والنتيجة مزيد من الإنهاك لحقوق العام.

كلام قبل السلام:ربما لا نعرف إلى أين سينتهي بنا المطاف، لكن على الأقل يتعين علينا أن نعرف أين وصلنا؟!  

سلام..

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك