المقالات

أمبراطورية الصفيح العصرية

1581 03:09:00 2015-11-09

عرفوا كيف يرسمون الابتسامة على وجوه الدُّمى, مثلما عرفوا طباعة الدموع على خدود المشرَّدين, التي غيرتها شمس النفايات القاسية, كما جمَّلوا الدُّمى وزينوها لِتنشغِل قلوب الناظرين المتحجرة, عن تلك الأجساد العارية التي أكل الجوع عظامها, وصمدت أمامَ صقيع الشتاء ولهيب الصيف وظُلم السُرّاق لها, في إمبراطورية الصفيح العصرية.

إمبراطورية, قامت على جماجم الأحرار؛ لِيحيا فوقها الأشرار, كم من فقيرٍ فيها عاش؛ وتناوش لحمهُ الأوباش, تُسقى الورود بدموع الأيتام؛ وتَنسج أحلامها بخيوط الظلام, تُغتصب أرضها وسط النهار؛ ولا تُلحَق بأهلها أيُّ عار.

إمبراطورية, فيها من الآلهة من يمتهن زيف الكلام وتسويف الحقيقة, حتى تزهق أرواح العبيد الرخيصة, قرابين لِمجدهم, وتَعمد هذه الآلهة على إذلالهم وإخراسهم, فيما تأخذ المتأسلمين منهم, العزَّةَ من أجلِ أسلمة آثامهم.

إمبراطورية, تُفتَحُ فيها أفواه الطمع فجراً, لِتلتَهم قوت الفقراء المحرومين, من لذَّة العدالة والمساواة, بينما يقف الحمقى على أعتاب الباطل, يلعقون فُتات الحرام من صحون الخديعة والمكر.

إمبراطورية, يتسلَّقُ فيها الوصوليون أكتاف بعضهم, من أجل اعتلاء قمَّة الأجرام, بيدَ أنّ الناس أخذوا بأكلِ بعضهم, من أجلِ إيجاد فُرصة التنفس في مناجم الحياة الخانقة.

إمبراطورية, يَعتَرِشُ فيها الكذب على دماءِ الصادقين, ودماء من تسنَّم المناصب فيها نَتِنة, لا يُطيقُها الموت, وتهرب الشياطين من خزيها, ويندمُ التأريخ لِذكرها, قابعةٌ في وحل فشلها المُستمر.

إمبراطورية, تَنفجر في ميزانياتها أرقام غير مألوفة, وتتَحسَّرُ في بيوتها أجوافٌ غير مطروقة, يَتربصُ الجوع بالمساكين لِغرضِ إذلالهم, ويَهتك المرض بهم من أجل إضعافهم, يطلبون المنية ولا يُعطون, ويتمنونها ولا يجدون.
يَطَّلع الموت عليهم, فَيُملئ منهم رُعباً, ويولّي منهم خجلاً, خوفاً من مسكَنتهم, وعندما يُجبرُ على المجيء, يكون رءوفً بهم وعطوف عليهم, ويأخذهم برقةِ غير معهودة !.

لا يُنازعون عندَهُ ولا يتألمون, ولا يمرُّ بهم على سكرات الموت المؤلمة, فيُشظَّي أجسادهم رحمةً بهم حتى لا يُكلِّفهم مراسيم الدفن, مع علمهُ بعدم امتلاكهم شبراً واحداً في أرض الوطن المبعثر.
إمبراطورية, تَطفوا على كنزِ الدنيا, وعِيالها يفترشون الشوك ويَقطنون بيوت الصفيح, أصدق ما سمَعوا فيها أنوائها الجوية, وأكذب ما رَأوا منها, حملاتها الإنتخابية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك