المقالات

المارثون الحسيني

2543 2015-11-12

الأن بدأت الخطوات مسرعه , بهمة العاشق لمعشوقه. بدأت والنفوس متشوقه, والقلوب ولهه , والألسن تلهج بلبيك ياحسين, ولكن الحسين (ع) له أمنيه أن يشارك العقل هذه الحواس تفاعلها لتكون الخطوات نحو الحسين (ع) ثابته ومصممه لتلبية نداء الحسين بمشروعه الأصلاحي.
عجبآ لهذا العظيم , تشارك بحبه كل الجوارح , وتعشقه العقول قبل القلوب, أنه الحب الواعي , وهكذا ينبغي أن يكون المسير نحو الحسين هو مصداق الأيه الكريمه ( وقصد في مشيك , وغضض من صوتك....) , أنها مسيرة نحو المجد والكرامه.
أن المسيره الأربعينيه ليست مجرد ذكرى تتكرر سنويآ, بل على المشارك فيها أن يفهم أن هذه الذكرى كان ثمنها دماء غزيره زكيه سكبت على أرض كربلاء من أجساد الحسين وأهل بيته وأصحابه الكرام. أنها مسيره خالده بخلود مبادئها وسمو أهدافها.
أن المسيره نحو الحسين(ع) ليست طقوس وهوس جماعي ناتج عن تأثير موضوعي لأحداث تراجيديه يمر بها البلد , ولا عن ضغوطات الواقع القاسي لكي تستمد منه الجماهير روح التأسي, وقد يكون من هذا شئ, ولكن الجانب الأقوى في هذه المسيره هو التوجه نحو الحسين (ع) كقيمه حضاريه تعيش في وجدان المشاركين وليس مجرد أنفعال , وأن وجد هذا عند البعض ولكن هذا لا يقلل من شأنها, بل هناك فرصه للتقويم والترشيد ليكون المسير نحو الحسين (ع) , هو مسير نحو العزه والكرامه والتمدن.
المسير نحو الحسين (ع) هو رحله مدرسيه يتعلم من خلالها الفرد روح التعاون والضيافه والأباء, كما أني رصدت الكثير من الظواهر الأيجابيه والتي يمكن أن تلقي بظلالها أيجابيآ على السلوك الأجتماعي والفردي , هي فوائد أجتماعيه لا يمكن التغافل عنها, الا وهي ان السائرين نحو الحسين يقطعون الفيافي والطرقات  , ينتظرهم الكثير ممن يتشرفون بخدمتهم , مقدمين لهم كل ما تجود به نفوسهم من مأكل وملبس ومأوى , غامرين لهم بأحاسيس فياضه لا يقوى القلم على وصفها لحرارة عواطفها الجياشه, التي تستقبلهم وترحب بهم. هذه العمليه تفرز الكثير من الأمور التي تقوي اللحمه الأجتماعيه , وتعززها عن طريق ما يعبر عنه العراقيون (الزاد والملح) وما يستصحب هذه العمليه من زيادة التعارف فيما بينهم مما يساهم في بناء نسيج أجتماعي منسجم ,لأن اللقاءات الحميميه تخلق حاله من الأندماج الأيجابي القائم على الأحترام المتبادل . أن هذه المسيره الطويله تساهم في خلق قيم مشتركه , وأهداف مشتركه , حتى أن ما تتعرض له هذه المسيره من تهديدات الأرهاب قد ساهم في تعزيز المصير المشترك . داعيك من أن هناك الكثير من الأمور الأيجابيه تحدث كتحصيل حاصل لهذه المسيره , منها ولادة علاقات تجاريه بين هذه المناطق نتيجة تعرف بعضها على البعض وما يكتشفونه من فرص تجاريه عن بعضهم بشكل عرضي , بالأضافه الى التÙ!
 �ارب بينهم وما يستتبعه  من زيادة فرص التناسب عن طريق الزواج , وهذا ما يخلق شبكه أجتماعيه قويه يعززها التواصل بينهم بسبب هذه الزيجات. طبعآ هناك الكثير من المنافع لو عددناها لملئة صفحات , ولكن لا يخفى ما لهذه الأمور من تأثير على زيادة الوعي العام من خلال هذه الرحله الحسينيه لأنها تمر بأماكن وبيئات مختلفه , ولاشك أن السفر واحد من عوامل الوعي العام , وهذا يذكرني ببيت من الشعر حيث يقول ( سافر ففي الأسفار خمس فوائد   تفريج هم وكتساب معيشة وعلم وأداب وصحبة ماجدي), كما بالحقيقه لا تخلوا من فوائد صحيه كثيره لأن المشي هو نوع من أنواع الرياضه.
يتضح من كل ذلك ما لهذه المسيره الحسينيه من جوانب أيجابيه , ولكن لكي نحرز هذا التطور الأيجابي , هناك شرط للفرد الذي يسير , وهو طريقة رؤيته لهذه المسيره , وما هو منظوره لها في كيفية ما يحمله من صوره للأمام الحسين (ع), هل هي نظرة شفاعه ليوم موعود , يساهم الحسين في أطفاءها يوم الحساب , على الرغم من كل ما يفعله الأنسان من موبقات الأمور ( سرقه , غش, أختلاس, أعتداء , تقصير بالواجبات من العباده.....), أم أن الحسين (ع) هو المثل الأعلى له وشخصيته المفضله في الحياة, تلهمه الكثير , وترسم له طريق الحياة الحره الكريمه, وتصنع منه شخصيه مستقيمه, أيجابيه, لا يصدر منها الا الخير نحو البلد والناس.
أن المسير الى كربلاء , هو ليس مسير الى مدينه, هي لا تختلف عن غير ها من مدن العراق الا أنها تضم قبر سيد شباب أهل الجنه , ولا لقبر محاط بشباك من ذهب , بل هو ذاهب الى بحر الجود والأباء , الى جبل الصمود والتحدي للباطل , الى رمز النزاهه والعفه .
من الضروري أن السائر الى كربلاء يفهم أن حركة الحسين (ع) حركه جوهريه, تصاعديه, تكامليه, وليس وليدت لحظة غضب بين متحاربين, وليس نزاع بين أبنين لوالدين أختصموا في الماضي, وليس صراع من أجل سلطه, فلو كان من أجل سلطه لما ضحى بنفسه وعياله, لأن أي سلطه سوف يغتنمها بعد أزهاق الأرواح. أنها مشروع حضاري, وأن عدم فهم أبعاد هذا المشروع وأستيعابه من قبل محبيه والمدعين من السائرين على دربه هي خساره كبرى لهم , وتمثل خيبة كبيره للأمام , لأن الأمام هو من حدد أهداف هذه الثوره , ولايسمح لغيره من أن يحرف مسارها ويبدل أهدافها بمسارات يحددها أصحابها بسبب حاله مزاجيه أو نفعيه. أن الأمام الحسين (ع) هو وحده من يحدد المحطات التي يمر بها القطار الحسيني أن جاز التعبير , ولا يخضع لأمزجة راكبيه , لآن الحسين يقصد محطه نهاءيه الا وهي رضاء الله. ( تركت الخلق طرآ في هواكا وأيتمت العيال لكي أراكا).
كما أوجه الدعوه لأستثمار القابليه الفريده للأنقياد الجماهيري نحو شخصية الأمام الحسين (ع), وقدرتها على التأثير الجماهيري في محاربة الظلم والطغيان والتأسيس لقواعد العدل والأنصاف, ولوضع حد للألام ومعانات الجماهير التي عانت الكثير من ظلم الظالمين وفساد المفسدين , أن أهم عناصر الكارزما في شخصية الأمام الحسين هو الأخلاص والصدق والشجاعه, وهذا هو ما نحتاجه الآن في مجتمعنا الذي تعرض الى هزه أخلاقيه وأجتماعيه خطيره, تكاد تعصف بكيانه, بل هو الآن على حافة الهاويه, وبالحقيقه لا راد من هذه الهاويه الا شد الرحال الى أهداف هؤلاء العظماء والتأسي بمزاياهم وخصالهم العظيمه, فهم حبل النجاة .
لا شك أننا نمتلك كنزآ قياديآ رائدآ وعظيمآ , وبطلآ ملحميآ قل نظيره, يمتلك قوة ألهام أسطوريه على التحفيز والأستلهام من قبل محبيه, لذا أدعوا لأستثمار هذه القابليه الفريده , وهي طاقه خلاقه في بناء الشعوب والتأثير الجماهيري. فليكن الحسين (ع) مهندس نهضتنا وبطل ملحمتنا نحو الأصلاح , أن المسير نحو الحسين (ع) فرصه تاريخيه لا ينبغي تفويتها , ولحظه لا ينبغي التفريط بها .
أياد الزهيري

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك