المقالات

كربلاء: هل يرقد الماء؟/ أمل الياسري

2069 09:05:37 2015-12-03


الكاتبة: أمل الياسري
عبّارات مائية بدأت قصتها، بزوارق صغيرة لا تتجاوز الأربع، وقد لطمت تيارات الماء مسارها مسرعة منتحبة، لإيصال مجانين الحسين الى قبلة العاشقين، وليقرب مسافات عشقهم الزينبي، وإحياء زيارة الأربعين، ليكون كافل العقيلة في إستقبالهم، وقد ملأ قربته حباً وشغفاً بتربة الحسين، أما الماء فقد وجد نفسه ملزماً، بالإجابة عن سبب العشق، مطلقاً صرخته: إنني خائن! 
بتجرد كبير عن الشمس والبرد لا حدود له، يزحف نهرا دجلة والفرات، ليجوب ماؤه المتهم بالقصور والتقصير، في نصرة كربلاء، وهو على تماس مباشر معهم أيام الطف الأليم، لكن الهوى والضلال الذي ملأ قطرات الماء، من رأسه حتى أخمص قدمه، هي التي زاغت بذراته، لتتلاطم نحو الطغيان، فرفض الأحرار شربه، لأنه بمنأى عن أطفال الحسين! 
جروف الكلمات أعربت عن أسفها، لأن قطرات الماء صمّت آذانها عن سماع صوت الدين، فهي من جهة تستغرب ذلك العشق، الذي يتمنى في الماء الوصول الى الشفاه الذابلات، ومن جهة أخرى تتعجب من تلك الموانع، التي حالت دون وصوله الى الأفواه المطهرة، وكأنه كان يخطط وينظم مسيره، ونسي في لحظاته الأخيرة، لقاؤه بالحسين، ورضيعه الصغير! 
قد يرقد الماء في سائر الأيام، ولكنه في أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام)، لا تهدأ أنفاسه أبداً، لأنه يحكي قصة صراع وصراخ، في ملحمة لقاء الرؤوس، فلم يرَ في ذلك اليوم إلا نهر باكٍ، وبحيرة باكية، ومرقد ثأر يشع نوراً، يستقبل ضيوف الرحمن في أرض العشق الحسيني، لذلك يتصبب الماء عطراً، وورداً للزاحفين نحو الحسين!
يا ترى كيف تحركت مظلومية الماء، ومعه الضمائر من الأعماق، وهزت القطرات جوارحها، وهفت جوانحها، لتجدد عهد الولاء، في مسيرة بات فيها الماء ذا لون وطعم ورائحة، بعد أن كان فاقداً لهذه الصفات، فقد تذكر حكمة الخالق عز وجل، في أنه أهون موجود وأعز مفقود، لكنه لا شيء أمام الجسد السليب، والشيب الخضيب، وثغره العطشان! 
ماء اليوم صنع ما يليق بالجرح والواقعة، إنطلاقاً من (إشربْ الماء وإذكرْ عطش الحسين)، فإنتشرَ العشق في قلب كل إنسان، يشعر برحلة الكرامة، لسابقة لا نظير لها، فنشر الماء ثقافة جديدة عبر العصور، تلت واقعة كربلاء، مفادها إن الماء أول عاشق عشق الحسين، ويتوق ليرتوي من ثغر قرآنه المجيد، الذي أحس بحلاوة الشهادة، لإصلاح الأمة!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك