المقالات

تسبيحات الكلمة الحمراء/ جمال العسكري

3478 2015-12-04


جمال العسكري
انتهى منطق السيف المعوج، وأثبت عجزه عن مقارعة القيم العليا،وإرتكبت جريمةالعصر!، التي لطخت جبين الإنسانية، بالعار والشنار، "فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها ابدا"، وبدأ دور الكلمة، بعد أن استفاق الضمير البالي.
بيد أن الكلمات التي تكسرت على رؤوس عتاة أهل الكوفة المتوحشين، ولم تستقبلها نفوسهم المريضة، من لسان حفيد الرسالة قد استعادت تأثيرها؛ ربما لكونها كانت بحاجة إلى أن تتلون بمداد أحمر قاني، طاهر زكي،تقي نقي؛ حتى تؤتي ثمارها.
كانت زينب عليها السلام حادية الكلمة، والسجاد إمامها، هما من وقع عليهما إبراز هدف الثورة، وإظهار غاياتها.
لما كانت الثورة تتحرك بأتجاه إعادة الإسلام المحمدي إلى الأذهان، وتركيز الثقافة الإسلامية الاصلاحية في شعور الأمة، كان لابد للكلمة أن تبدأ من هناك، كذلك كانت تستهدف تذكير الأمة بأن المقتولين والمنتهكين والسبايا هم أهل البيت عليهم السلام وأنهم امتداد الرسول الطبيعي والشرعي؛ لتتحسس الأمة فداحة وفضاعة ماجنته أيديها. 
فكانت البداية عند مرور العائلة الثاكلة!، على أجساد الضحايا في عرصات كربلاء! حين صرخت عقيلة الطالبيين قائلة:"يامحمد اه يامحمداه، صلى عليك ملائكة السماء، هذا الحسين بالعرا، مرمل بالدماء، مقطع الأعضاء ... فأبكت كل عدو وصديق."، كانت هذه تمثل الصعقة الأولى لأهل الكوفة، التي أعادتهم إلى رشدهم، ورفعت يد الغفلة عن عقولهم.
الصعقة الثانية، حينما أستقبل أهل الكوفة العائلة الثاكلة، وكان المشهد يضج بالبكاء وينضح بالحياء، حتى سيطرت على أفراده مشاعر الندم واﻹحساس بقباحة الفعل، فبادرت إحدى الكوفيات تسأل أم المصائب زينب عليها السلام، من أي السبايا انتم!؟،فأجابتها نحن سبايا ال الرسول!، صعقت المرأة وصعق كل من سمع الإجابة،وتكشفت الحجب أمامه،وعاد يستنطق ذاته من جديد،ويسألها، عن فعلتها الشنيعة، فتمنى ان ينسلخ من ذاته،ولم يفعل مافعل..
إن نسبة السبايا إلى رسول الله، مثلت طعنة حقيقية إلى صدر الكوفيين، وهاجس مخيف،يقلق مضاحعهم ماداموا احياءا. 
ومشهد آخر، تفاعلت فيه الرمزية مع الحدث، لتنتج معنى جديد، ذلك لما ارسل عبيد الله بن زياد العائلة الثاكلة، إلى غرفة في قصره، حينها طلبت السيدة زينب وقالت:لاتدخل علينا في دارنا، إلا جارية أو أم ولد؛ لإنهما ذاقتا ويلات السبي مثلنا، هذه الخطوة شكلت إيحاءآخر،أثبتت من خلاله أن الأمة الإسلامية أقدمت على سبي أبناء الرسالة؛ لتنتزع من قمة هرم السلطة الشرعية الدينية، وتثبت أيضا أن هذه السلطة، المتمثلة بيزيد،لاتنطلق من أصالة حقيقة الرسالة؛لأنه عاد عليها، مغتصب لها.
بهذه الكلمات الملونة بمداد الدماء، فضلاعن الخطب الطويلة، واجهت الحوراء زينب عليها السلام، المنطق المتعجرف، وبهذا الصوت العلوي أخرست صوت الغابة الأموي، وبهذا البيان، أبطلت سحر هند إبنة عتبة، بعصا كلماتها التي تلقفت كل مايأفكون،من كذب وزور وبهتان وإنحطاط وتعقيد، وأسقطت دولة السفيانين وهي واقفة، فسلام عل بنت أبيها، يوم ولدت ويوم خطبت فأذلت ويوم تموت،ويوم تبعث حيا، لتكون شاهدا على جنايةالأنسانيةالكبيرة

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك