قاسم العجرش
تعد وزارة الخارجية، البوابة الأهم للتعبير عن السياسات الخارجية لأي دولة، فلا التصريحات الحكومية، ولا تصريحات كبار الساسة، تؤخذ بالحسبان النهائي، في قياس مواقف تلك الدولة، وإن يكن بالإمكان عدها كمؤشرات!
في قضية تطورات العلاقة بين جمهورية إيران الإسلامية، والمملكة العربية السعودية، عقيب قيام الأخيرة بإعدام رجل الدين الشيعي البارز، الشهيد السعيد آية الله النمر، وقيام محتجين إيرانيين، بمهاجمة وإحراق سفارة آل سعود في طهران، كان للعراق وعبر وزارة خارجيته، موقف من تلك التطورات يتعين الوقوف عنده، والتمعن بمخرجاته.
فقد قدم العراق نفسه، ومن خلال وزير خارجيتنا السيد ابراهيم الجعفري، كوسيط بين إيران والسعودية، وتحرك في هذا الصدد بإتجاه عُمان والإمارات ثم الكويت، والى القاهرة في نهاية المطاف؛ لكن السعوديين قطعوا الطريق على السيد الجعفري، ورفضوا وساطته، لأنهم يعدون العراق طرفا، وليس وسيطا!
السيد الجعفري أستمر بإدعاء قيامه بالوساطة، وهو أمر غريب في الأعراف الدبلوماسية!
في تلك ألأثناء؛ قامت جمهورية إيران الأسلامية بقطع الطريق، على أي تحرك دبلوماسي مضاد من قبل السعودية، و"أشقائها" العرب، فقامت بإعتقال أكثر من 60 مشاركا، بالإعتداء على السفارة السعودية في طهران، وأحالتهم الى القضاء، كما صدر أمر؛ بتنحية المسؤول عن أمن العاصمة طهران عن عمله، ومن ثم مسائلته قانونيا، بل وذهبت طهران الى الأمم المتحدة، لتقدم إعتذارا الى مجلس الأمن عن ما حدث، وأبدت إستعدادها لتعويض السعودية، عن الأضرار التي لحقت بسفارتها، والقيام بصيانتها وإعادتها الى افضل من ما كانت عليه.
العرب "تناخوا" عبر جامعتهم العربية، لإجتماع في القاهرة، لكنهم قبل أن يذهبوا الى القاهرة، دبجوا بيانات الإدانة ضد إيران وحلفائها في المنطقة، وقطع الخلايجة علاقاتهم الدبلوماسية مع إيران، ما يعني أن إجتماع القاهرة، سيكون "حفلة" عربية، لشتم إيران ومن معها، وكان أن ذهب وزير خارجيتنا الى القاهرة، ليشارك بتلك الحفلة!
الحقيقة أن ثمة علامات إستفهام كبيرة، عن دواعي مشاركة وزير خارجيتنا؛ في تلك "الفزعة" العربية، إذ كان يعرف تماما ما سيصدر عنها، وكان يتوجب عليه عدم الذهاب الى القاهرة، ويكتفي بمشاركة مندوب العراق الدائم في الجامعة العربية، حتى لا يوقع العراق بالحرج!
لقد وافق وزير خارجيتنا مجانا، على بيان الأدانة الكبير ضد جمهورية إيران الإسلامية، كما وافق على إدانة حزب الله، بل ووافق على إدانة حشدنا الشعبي، عندما وصفوه بالمليشيات، بل وافق على إدانة ثورة البحرين، وأبعد من ذلك وافق على عد الجامعة العربية، إعدام الشيخ النمر أمرا شرعيا، يخص المملكة السعودية، وإعتبار من يحتج على هذه الجر يمة، متدخلا بشأنها السياسي!
كلام قبل السلام: لقد فشلت دبلوماسيتنا فشلا ذريعا، وآن الأوان لأن يشملها التغيير الوزاري المرتقب!
سلام..
https://telegram.me/buratha