المقالات

هل ان العراق بحاجة الى طنطل؟!/ قاسم العجرش

4053 2016-03-09

قاسم العجرش

 في بيئتنا الجنوبية، قريبا من القصب وعلى حافات الهور، حيث كنا نعيش، كانت تعيش معنا كائنات إخترعتها مخيلتنا، ثم ما لبث المخيال الشعبي أن تعايش معها، حتى حولها الى حقيقة واقعة.

كان في حياتنا أشياء كثيرة نخاف منها، ولقد كانت حياتنا مستقيمة جدا، بالخوف من أشياء كثيرة، من "الطناطل" و"الكَرطة" والغرباء والأجانب.

"الطنطل" كان أشدها إرعابا للكبار والصغار، يظهر في العتمة، بين الغروب ومنتصف الليل، والى غاية اليوم تجد في كبار السن، من يقسم لك بألف قسم، أنه قد عايش في ليلة من ليالي عمره، تجربة قاسية جدا مع "طنطل"..

كان "الطنطل"  يمتلك قابلية التحول من شكل الى آخر، مرة بساقين طزيليتين، ومرة يتحول الى قنفذ، وتارة الى كائن هلامي.. لكنه في نهاية المطاف، يسيطر على من يستهدفه، سيطرة تامة الى حد الإستعباد..لكن هذه العلاقة تهدأ وتصبح طبيعية، عندما يجلب المُستهدف الخبز "الماصخ" للطنطل!..الخبز "الماصخ" أي خبز بدون ملح..!

"الطنطل" يأكل خبزا بلا ملح، ما يتصوره بعضنا، من أنه ليس ملزما بالوفاء، لمن يتناول الخبز من يده، لكن بعض كبار السن، يقولون أن "الطناطل" كائناة وفية، حتى لو أكلت خبزا بلا ملح، لأنها مالحة أصلا!

"الطنطل"، هذا الكائن المالح،  صريح جدا، صادق أبدا، ما في قلبه تسمعه من لسانه، بلا رتوش أو تزويق لفظي، لا يلف أو يدور، لا يعرف "الشفافية"، لأنه وببساطة شديدة، شفاف كنسمة.

"الطناطل" تلك الكائنات المالحة، وفية حد الإفراط لمن تصبح صديقة لهم، تساعدهم في الحصاد، خصوصا أذا شرعوا بالعمل بعد الغروب، وكان يحمل "كارات" الحطب والزور، بدلا من النسوة، اللائي كن قد قطعنه من شواطيء النهر، "الكارة" هي ربطة حطب، قطرها يزيد عن متر ونصف، تحملها أمهاتنا على رؤوسهن، فيشفق "طنطل" ما على إحداهن، فيحمل "الكارة" عنها.!..لكن الثمن دائما رغيف خبز "ماصخ"!

قصة الملح في حياتنا، أيضا قصة طويلة وذات مغاز كثيرة، الزاد والملح محور علاقاتنا، فهما يعنيان إلتزام أخلاقي كبير، وخيانة الزاد والملح، تعني شيئا كبيرا..

كلام قبل السلام: هل نشتري "طنطلا" كبيرا، نخاف منه حتى تستقيم حياتنا؟!!

سلام.....

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك