قاسم العجرشqasim_200@yahoo.com
العراق شأنه شأن أغلب دول المنطقة العربية، دولة ريعية؛ والمجتمع ينظر اليها على أنها الوالد، الذي يتعين عليه إطعام أولاده، الذين يعتمدون على والدهم بتوفير كل شيء، من مأكل وملبس ومشرب، وتعليم وصحة وسكن، وبنى تحتية، ومصرف جيب أيضا!
لقد أكد الدستور العراقي النافذ، صفة الوالد للدولة، حينما حملها مسؤولية كل ذلك، بلحاظ ان الدستور صيغ في وقت الوفرة المالية، لكن وبسبب أن مواردنا باتت محدودة، بسبب الأزمة المالية الناجمة عن هبوط أسعار النفط، وبسبب أن المجتمع لا ينتج ولا يخلق الثروة، إلا بحدود ضيقة ليست مؤثرة، فإن الصراع يصبح هو الحاضر دائما في حياتنا، وفي علاقتنا مع الدولة، وتغدو الدولة دائما خصما للشعب، مع أنه ولدها!
دورات الصراع تزداد وطأتها، حينما تنقص موارد الوالد، ويعجز عن توفير مطالب اولاده، ويأخذ الصراع أبعادا خطيرة، قد تعصف بوجود الدولة، ويذهب المجتمع نحو الفوضى حثيثا بأقدامه، دون أن يفكر بأن صراعه مع الدولة، لن يؤدي إلا لمزيد من التراجع والفشل..
على المجتمع؛ خصوصا في أوقات الأزمات والمحن، كالأزمة الإقتصادية التي نمر بها، وكمحنة إحتلال أجزاء عزيزة من وطننا، من قبل التحالف البعثي الوهابي، أن يعيد ترتيب أولوياته وإحتياجاته، وأن يقوم بما يمليه عليه العقد الإجتماعي، الذي تشكلت بموجبه الدولة، ونعني به الدستور.
إن تخلي الشعب عن بعض ما له على الدولة، في أوقات الأزمات أمر لا بد منه، بل ويتعين أن تكون الكفة مائلة لصالح الدولة، كي يعين المجتمع الدولة، على التصدي للأزمة ومخرجاتها، وفي هذا الصدد يجب أن تتسع مساحة العطاء، و تتقلص مساحة المطالب.
عطاء الشعب في أوقات الأزمات، وتحوله من مجتمع يأخذ بلا حدود؛ ولا يعطي إلا قليل، إلى مجتمع يعطي كل ما من شأنه، توفير أسباب القوة والمنعة، سيكون من مؤداه في نهاية المطاف، تحرر المجتمع من هيمنة الدولة وسجنها الكبير، ويحولها الى تابعة للمجتمع، تأتمر بأمره عبر مؤسساته التمثيلية المنتخبة، ويجعلها أداة فعالة لتشييد الحاضر وبناء المستقبل.
إتساع خطاب النقد اللا موضوعي، وتهويل الأخطاء، وعدم النظر الى المنجز الإيجابي، وتكسير عظام الدولة، بالتسقيط السياسي، وإلصاق تهم الفساد بكل الدولة، من راسها الى ذيلها، لم يكن عملا عفويا، أو ناتجا عن إحتقان مجتمعي فحسب، بسبب قلة المنجز.
كلام قبل السلام: لقد كان كل ذلك بالدرجة الأساس؛ عمل مخططا له بعناية فائقة، وأجريت عليه عمليات محاكاة، في أروقة التآمر على العراق ووحدته وسيادته، والهدف هو عزل الشعب عن الدولة، ليسهل فرض قيم جديدة وواقع جديد، ليس للقوى المتصدية للعملية السياسية راهنا، مكان فيه، ليتم الإتيان بقوى جديدة، هي بالحقيقة أدوات طيعة، بيد الغرب ودولة الحاج باراك اوباما حسين!
سلام..
https://telegram.me/buratha