قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
لا نحتاج الى جهد كبير، كي نحفر في تربة التطرف والإرهاب، فهذه التربة التي لا تحتوي على عناصر صلبة، ما علينا إلا أن نزيح عنها الغبار، حتى ينكشف وجهها الكالح..
هذه التوطئة تقودنا لأسئلة مباشرة، تحتاج الى اجابات وتوصيف مباشر، فرغم قلة المتطرفين اذا ما قورنوا ببقية المسلمين، فإن ما نشهده من تطرف وارهاب، يشكل الصورة النمطية للعالم الاسلامي والمسلمين، فما هي أسباب تشكل هذه الصورة المؤسفة؟!
لقد أنتج استيطان الاستبداد في العالم الاسلامي، الركود والجمود والتخلف والفقر، وهي العناصر الأربعة المغذية لطفيليات التطرف، في بيئة هشة أساسا، ومع العجز عن الإصلاح، وعدم توفر أدواته؛ خلت الساحة للمتطرفين فاختطفوا الإسلام السني، وساعدتهم ثورة الإعلام، ليصبحوا هم المتصدرين للأمة، والناطقين باسمها، وكانت النتيجة أن تشوهت صورة الاسلام والمسلمين، بالشكل المؤسف التي هي عليه اليوم.
التطرف المنتشر في عصرنا الراهن، في البيئة الإسلامية السنية، يعد تراجعا في مسيرة المسلمين، ونكوصا إلى الجاهلية، الذي جاء الاسلام كنقيض وبديل لها، والتطرف الراهن بأشكاله ونماذجه المختلفة، تعبير عن الحالة المضطربة، التي يعيشها العالم الاسلامي السني؛ جمهورا ودولا وأمة ورجال دين، بسبب التناقض بين الواقع والمثال.
عصر الرسالة الأول، الذي وإن لم يكن خاليا من نوازع الشر، إلا أن التسامح هو السمة السائدة، هو المثال الذي تدعي أمة الإسلام الراهنة الإنتماء له، لكنها ناقضت ذلك "العصر الجميل" بكل شيء، بعدما فشى فيها التطرف والظواهر الهوجاء، الى حد غدت فيه تهدم ولا تبني وتقتل ولاتحيي.
كي نمحي هذه الصورة السوداء، من سجلات تاريخ الإسلام، فإن الحقيقة التي يجب الإعتراف بها، هي أن البنية الفكرية للتطرف، متجذرة بشكل عميق، في عدد من المدارس الفكرية الاسلامية، ولا سبيل من اقتلاعها؛ الا باقتلاع هذا الفكر نفسه،
ثمة من يوصفون بالدعاة، لكنهم بالواقع قضاة، يصدرون الافكار والاحكام والفتاوي، التي تمنح العنف وصناعته شرعيتها، وحمامات الدم في العراق وسوريا، وليبيا وأفغانستان والصومال ونيجيريا، وفي كل مكان في العالم، وصلته ثقافة السيف الوهابي، هي الحصيلة المرة، لإسلام نبي الوهابية محمد بن عبد الوهاب.
كلام قبل السلام: ثقافة السيف الوهابي؛ هي التي ولدت التطرف والغلو، وخلقت إنفصاما بين الأصل والواقع، وإذا أردنا أن نقعد الأمور على قواعدها السليمة، ونتخلص من هذا العبيء المخجل، لابد من التوفيق بين الكتاب المقروء "القرآن" ككتاب مقروء، و"الحياة" ككتاب معاش بكل تجلياتهما، ولا بد من الوعي بالحكمة الإلهية؛ في خلق الانسان حرا عاقلا..
سلام...
https://telegram.me/buratha