المقالات

الوهابية تحاور عُقلاء الشيعة!

3761 2016-06-20


لا شكَ؛ إننا جميعاً نعلم إن الوهابية لا تعترف بالشيعة، لا بمذهبهم ولا عقائدهم، وتشكك أيضاً بجذورهم، ولا شكَ أيضاً؛ إن دين المملكة دين وهابي يختلف عن تعاليم السُنة النبوية، فهو أقرب إلى التشدد منه للعقل، وهذا ما جعلنا طويلاً نخسر فرص التقارب السُني-الشيعي.

ولأننا لم نكن نعترف بهم، وبوجودهم ومساحاتهم، غابَ عنا وجود عقلاء من بينهم، والحقيقة؛ أني أراهم جميعاً عُقلاء، فأنا في خانة الجنون حالياً، فالتكفير والقذف بالبدع والضلالة، وصل إلى طريقة شرب الماء وتناول الطعام، وهذا ما لم أقرأه في صحيح الشيخين!

لكن لماذا الآن؟ هذا هو السؤال الأهم، الذي نجد إجابته للأسف في أروقة السياسة لا في مبادئ العقائد، وهو ما يعطيني الضوء الأخضر لأتأكد؛ إن الوهابية كانت ولا تزال، دين سياسي لا أكثر، استخدمها حكامنا لفرض السيطرة على الشعب، فالأحكام السياسية أصبحت شرعية، والعكس صحيح، معَ تلويث السيرة النبوية باحاديثٍ دخيلة؛ أهمها؛ تحريم الخروج على الحاكم الظالم.

وهنا؛ نجد إن النظام تحسس الخطر الحقيقي في مواجهة الشيعة، فهو خسَرَ معركته "بواسطة داعش" في العراق، وأيضاً يخسر في سوريا، كما أنهُ خسر المواجهة الدبلوماسية معَ إيران في الملف النووي، واليوم بات الشيعة رقماً صعباً في الشرق الأوسط الجديد.

إذن هل تحاول المملكة تقسيم المعسكر الشيعي؟

لدينا حول هذه الفرضية إثباتات إدانة لأنفسنا؛ فنحنُ حاولنا مراراً عزل شيعة الدول العربية عن إيران وفشلنا، فقط لإن الغاية والوسيلة كانتا تقطران حماقة! فالتقسيم العقائدي صعبٌ جداً، خصوصاً وإن إيران دعمت البلدان العربية بحسن نية، أما نحنُ فدعمناهم بالقاعدة وداعش والجهاديين، وسلطنا بالبترول السعودي حكاماً فجرة على رقابهم، هل ما زلنا نفكر بعقلانية!

لو خرج علينا الملك بمثل هذا التصريح "لكنه معاكس"، قبل عشرات السنين، لكنا اليوم نعيش في عالم إسلامي قوي ورصين! أليس الأولى إنهُ يقول: سنحاور الشيعة بِعقلاء السُنة!

للأسف؛ خسرنا عُقلاءنا بكثرة الجهلة الوهابية، فقدنا بريق التسامح، وروعة تحكيم العقل، أمام خرافات "دينية" خدمت السياسة، فأصبحت فتوانا سياسية بإمتياز، بينما بقيت العقائد الشيعية تُصقل وتخضع لتقييم دوري، نتج عنهُ إقامة دولة كبيرة اسمها العراق، ووجود مؤثر في سوريا ولبنان، ودولة عظمى اسمها إيران، ولا نزال نحن نفكر، هل نحاورهم أم لا؟

لقد أثبتت التجارب؛ ان قرارات مثل هذه لا تأتي صدفة، كما لا تأتي أبداً بمحض إرادة النظام، بل دائما كنا نُجبر عليها كواقع مفروض علينا، نحاور الشيعة لنتقاسم اليمن، الذي ضيعناه بمدرعاتنا، ونحاورهم كي نخلق طريقاً لنا في سوريا والعراق، هناك حيثُ خسر "داعشنا"، ونحاورهم لإن إيران الجارة أصبحت قوية بمقدار أن لا يسعنا تجاهلها!

ما لم نبدل عقولنا في محلات التصليح الميكانيكي، ما لم نشتر أفكاراً غيرَ أفكار الشيخ عبد الوهاب، ما لم نزرع بدل الأحقاد.. عقلاً، سنبقى نحن من بحاجة الى العُقلاء، نحتاج عقلاء يحاورون العقلاء، لإنهم عُقلاء رغم أنوف تخلفنا.

 

الكاتب السعودي: عبد الحليم مناع

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك