عباس الكتبي
لقد أتفق عامة كُتاب السيرة أن ولادة النبي صلى الله عليه وآله،كانت في عام الفيل سنة ٥٧٠ ميلادية.
كما أنهم أتفقوا على أنه صلى اللّه عليه وآله،في شهر ربيع الأول.
إنما وقع الخلاف في يوم ميلاده، والمشهور عند الشيعة أنه في يوم السابع عشر من ربيع الأول، وأكثر علماء السنّة ذكروا أنه في يوم الثاني عشر من ربيع الأول،ووافقهم بعض علماء الشيعة.
ذكر المؤرخون والمحدثون أنه يوم ولادة النبي صلى الله عليه وآله، وقعت حوادث عجيبة مثل:ارتجاس ايوان كسرى،وسقوط أربعة عشر شرفة منه، وانخماد نار فارس التي كانت تعبد، وتساقط،الأصنام المنصوبة في الكعبة على وجوهها،وخروج نور معه صلى الله عليه وآله أضاء مساحة واسعة من الجزيرة،وأنتزع علم الكهنة، وبطل سحر السحرة،والشياطين حجبوا عن السماوات، لما أرادوا أن يسترقوا السمع،وأشرقت الدنيا كلها في هذه الليلة.
هذه الأحداث ذكرت في تاريخ اليعقوبي،والسيرة الحلبية،وبحار الأنوار، والأحتجاج،وغيرها.
ليس بعجيب ولا غريب ان تقع مثل هذه الحوادث،في مولد سيد الكائنات، وأفضل الأنبياء والرسل،فالقرآن يقص علينا حوادث وقعت لأنبياء الله تبارك وتعالى عند ولادتهم، وفي فترة الطفولة،كالنبي أبراهيم، وموسى،وعيسى عليهم السلام، وحصلت لهم كرامات ومعجزات، وأصحاب التوراة والأنجيل يقرون بصدق الأحداث التي وقعت لموسى وعيسى عليهما السلام.
المفسرون الماديون، لم يعيروا أي اهتمام لهذه الحوادث،ويعدّونها ضرب من الخيال، ومن أوهام المتدينين،لأنهم يعتبرون جميع الظواهر المادية لها علة طبيعية، وتخضع لقانون العلة والمعلول، والسبب والمسبب،فأستحالة أن تقع هذه الحوادث بدون علة طبيعية وفق نظرتهم المادية.
الموحدون المؤمنون ردوا على الماديين وقالوا:ان العالم المادي بجميع خصوصياته وخواصه يخضع لتدبير عالم آخر،يعني عالم الطبيعة يخضع لتدبير عالم ما وراء الطبيعة" عالم التجرد".
يقولون أيضاً"المؤمنون بالله"،نحن نحترم القوانين العلمية،ونذعن ونصدق بما اقره العلم،لكن القوانين الطبيعية ليست أموراً لاتقبل التغيير والتبدل، بل هناك علة أعلى من العلل الطبيعية، علة غير طبيعية وبأمكانها ان تغير وتبدل من تلك القوانين الطبيعية وتتحكم بها.
بعبارة أخرى:إن الأفعال الخارقة للعادة ليست ظواهر عارية عن العلل،بل ان علتها غير طبيعية،وافتقاد العلة الطبيعية(وخاصة العلة الطبيعية غير المعروفة)ليس دليلاً على افتقاد مطلق العلة.
يعني( والشرح مني):بالإمكان ان يكون للمعلول عدة علل طولية عمودية تصاعدية،متسلسلة ومرتبطة مع بعضها،وكل علة تخضع للعلة التي فوقها،وقد تكون العلل ظاهرة ومخفية،وطبيعية وغير طبيعية.
ولادة النبي صلى الله عليه وآله،كانت منبع ومبدأ الخير والبركة،ومنشأ السعادة والكرامة للبشرية،وكانت الولادة تبشير بالقضاء على الوثنية،وعلى الأعراف والتقاليد الجاهلية العمياء، وهي نور، ومحبة، وسلام،وأخلاق فاضلة،يجب على المسلمين أستثمارها بإقامة الأحتفالات والمهرجانات الكبرى في هذه المناسبة.
نقل القسطلاني في "المواهب اللدنية"ج1ص27،عن "تاريخ الخميس…" ج1ص223،قال الإمام الديار بكري:لا يزال أهل الإسلام يحتفلون بشهر مولده عليه السلام،ويعملون الولائم، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور،ويزيدون،في المبرات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركته كل فضل عظيم.
أقول:ما زال لليوم المسلمين من السنة والشيعة يحتفلون بمولده، في الأعظمية والكاظمية،إلاّ فئة ضالة معروفة خالفت المسلمين، وعدّو هذه الأحتفالات نوع من العبادة والتعظيم للأولياء،وهي نوع من الشرك،وبذلك كفروا المسلمين الذي يقيمون الاحتفال.
أستثمر بعض سياسينا- السيد عبد العزيز الحكيم"تغمده الله برحمته"-هذا الخلاف الواقع في يوم ميلاد النبي صلى الله عليه وآله،فدعا الى ان يكون أسبوع الوحدة بين المسلمين، مابين الثاني عشر،والسابع عشر من شهر ربيع الأول.
إذا لنجعله اسبوع المودة والمحبة والسلام،وأسبوع المصالحة والتسوية الوطنية بين العراقيين،ببركة ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وآله،فأنه بعث رحمة للعالمين.
https://telegram.me/buratha