المقالات

مشروع التسوية يحتاج الى إتزان فكري...!


وليد كريم الناصري

رغم الإختلاف الجيني بأجسادنا، من حيث الصفات الفسيولوجية والمورفلوجية والوراثية، إلا أنها تتمتع بصفة التعايش، فيما بينها، وهذا ما نحتاج إليه في أذهاننا وعقولنا، فلا يمكننا التعايش من حيث الأفكار، والسبب عدم وجود فكر واسع شامل للمجتمع، إذا ينشأ بيننا الفكر الجزئي المنطوي، داخل النفس أو المجموعة، وهو ما يخلق الإختلاف داخل المجتمعات أو الجماهير، حيث تنشأ الأفكار الجزيئية المحدودة المتناحرة، والتي تدعو الى تحجيم الفكر المقابل وتكفيره، ويرى بنفسه هو الحقيقة المطلقة، وهذا ما يفسد أدوات التعايش بين الأفراد.

من بعد هذه المقدمة المحاكاة، عن حلقة تدريسية للكاتب "أحمد علي الكوماني"، نشخص التنازع السياسي، والتنافس ألانتخابي، هما أصلح بيئة لنمو الأفكار المتجزئة، والتي تنتهي بتهميش المحيط، الذي يدعو الى التناحر، وينتهي بالإقتتال الطائفي، وتبقى الحاجة ملحة، الى كيفية التخلص من ذلك الفضاء المشحون؟ للحفاظ على بيئة نظيفة من الدماء والحرب، ومجتمع يعيش تحت سقف واحد، وبأحضان أرض واحدة. الكل يتكلم بالمشروع الوطني، ولكنهم يختلفون في العمل والتطبيق، إذ يمارسون الطائفية بأمتياز، وقد تكون لهم أسباب مشروعة في إمتهان تلك الوسائل، من حيث حلية المصلحة الشخصية..! والتنافس على الوجود في الساحة السياسية، وتعبئة الجماهير لصالحهم، وعلى الفرض، ماذا لو إمتهن جميع الزعماء والقادة تلك الفنون؟ هل ستبقى الأجساد محافظة على تعايشها؟ بعدما تقاتلت العقول والأفكار، وكفرت وهمشت كل فئة غيرها! حتماً سيفقد المجتمع حق تعايش بالأجساد، وننتهي بأرصفة وشوارع تملئها الدماء وأشلاء الأشخاص، من جميع الطوائف والمكونات والفئات المتناحرة. وهنا يكون القادة والزعماء، بين خيارين، أحدهما أصعب من الأخر، أما يمتهن الطائفية على حساب المشروع الوطني..! وينطوي تحت عباءة تياره من حيث التطبيق، وبذلك يبقى محافظاً على وجوده، ومعبئا لجماهيره، بشعارات تداعب العاطفة بشراك المعتقد، أو يلتزم المشروع الوطني والفكر الواسع الشامل، وهنا سيفقد تلك الجماهير، خصوصاً وإن الإعلام الطائفي، متهيئا لتلك اللحظة، التي سينشر بها غسيله على حبال المجتمع البسيط، والجماهير المغرر بها. مشروع التسوية الأخير، الذي طرحة التحالف الوطني مؤخراً، كحل سياسي لوقف نزيف الدم العراقي، والحيلولة دون ولوج الإختلاف الى التعايش بالأجساد، بقطع دابر الاختلاف بالأفكار، والإحتكام الى تسوية وطنية، يأخذ كل طيف أو مكون أو مذهب حقه، دون أن يظلم أو يهمش، خير مثال شامل، نسقط عليه زوايا مقالنا هذا، حيث نجد أن المشروع جاء لتوثيق التعايش الجسدي والفكري، دون كسب أو خسارة رهان فئة عن غيرها، وبنفس الوقت نجد العديد من السياسيين، يوقع عليه على إنه وطني ذو فكر واسع وشامل للأطياف، وينتقده في وقت اخر حفاظاً على مشروعه الطائفي، وللتمسك بجماهيره التي لا تتماشى مع المشروع الوطني. أن تلك التسوية شأن سياسي، قد تكون فيه إختلافات وتجاذبات، على صعيد الشركاء، ولأنها لا تصالح الإرهاب ولا البعث الدموي الصدامي، على الشعب أن لا ينصاع الى الأبواق المأجورة، التي تصور رجوع الأشخاص المطلوبين قضائياً للحكومة، وأن لا ينشغل بتلك التفاصيل، بقدر ما ينظر الى مستقبله، ويفكر ماهي نتائج التسوية؟ وكيف ستحقن الدماء؟ وتنصف المكونات الأُخرى التي لا يمكن تجاوزها؟، وهذا ما لا يمكن تحقيقه، بغياب الأتزان الفكري لدى الجماهير، والذي يدعو الى الإلتزام بالفكر الواسع الشمولي، وعدم الإنصياع الى الفكر المتجزء.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك