وليد كريم الناصري
عندما تسيل دماء الشهداء، وتلاقح الأرض بمزيج الشهادة، تنبت أكف الخلود براعماً فتشتد أصابعا، لترفع أجسادهم عالياً، يصعدون الى السماء حفاة عراة من ذنوبهم، قد خلعوا كل شيء على سواتر الجهاد، حتى أحشاءهم تركوها هناك، وراحوا يحلقون بأرواحهم نحو السماء، نوارس بيضاء، تنعق فوق دجلة، وأسراب من طيور تهاجر من أقصى الفرات، "صالح البخاتي" أنموذجا، هاجر الهجرتين، للجهاد أسدا يشق فيافي الاهوار بزئيره، ومن دجلة روح قد تزينت الجنان لمجيئه.
كيف ولدت لتموت ...؟ وأين نشأت لترحل..؟ وماذا فعلت لتكسب...؟..
ولدت يتيماً تأبى دمعة المستعطفين، كنت ترى بأبيك ضياء لم تبصره، فتلاشت بفيك كلمة "أبي" حتى إرتحلت من مخارج لسانك بأحرفها، لتحل محلها كلمة "وطني".
نشأت بطلاً حملت هموم شعبك على كتفيك منذ الصغر، ورحت تستطعم التعب والشقاء، في مجاهدة النفس والأعداء، كم أخذ لهيب الجهاد في الأهوار من جسدك؟ وكم نال البرد والصقيع من عضامك..؟ كم أوهنك التعب وأجاعك..؟ كم لصرخاتك صدى بين اوجاعك؟ فعلت ما فعلت.
لم تكن مثلهم، لم تسكن قاعات فارهة، ولا سيارات مصفحة، ولا كرسي من عاج، ولا طاولة من زجاج، كسبت ذكرا يعانق الخلود، وحياة تغبطك عليها الخلائق، وجهادا يفتخر به المتدينون.
كم لي بفقدك من غصة.؟ --- يا رجلا لمثله خرط القتاد
في كل لحظة اراك مكتملاً --- يا عجبا والتكامل لا يعاد
أرى فيك بدراً وظفر المسلمين، أرى بك أحدا بين المشركين، أرى بك فارس قد إنتصرت بحنين،أرى بك صارخا بكربلاء :" يا خيل الله ما تنتظري..؟ إنزلي من صدر الحسين انزلي، تعالي وإلي أقصدي، وأتركوا خيام الحسين، أحرقوني أنا، وأهتفوا فينا من جديد "إحرقوا خيام الظالمين و أحرقوا صور المجاهدين"
يا خيلهم بغياً أركبي-- ولصدر "البخاتي"مزقي
ما ضر الحسين مرملاً -- ولصدره خيلاً تعتلي
لا تأسى على ناراً شوا– فلزينب قبلك تضرمي
إسكب رحيلك نوما هانئً، تحتضن الوطن أم يحتضنك..؟ تعانق الجنان أم تعانقك..؟
يورق الوطن بغفوتك، ويستطعم الأمان بدماءك، عشت عزيزا مجاهداً نقيا تقياً، ورحلت صابرا مؤمنا محتسباً...
سلام عليك أيها الندى الذي يَبُل شفاه المجاهدين....
سلام عليك أيها الطيف الذي سيبكيني السنين...
سلام عليك أيها النائم بين أكف الملائكة ...
سلام عليك يوم ولدت ويوم جاهدت ويوم أستشهدت ويوم ترجع للقيامة شفيعا للمذنبين.
https://telegram.me/buratha